وعلى الجملة : مرجع الوجوب التخييري إلى إلغاء الخصوصيات وتعلّق الأمر بالجامع ، المستلزم لأن يكون أمر التطبيق بيد المكلّف ، ولا ينصرف الأمر من الجامع إلى الفرد لدى اختيار التطبيق على أحد الأطراف ، بل حاله قبل التطبيق وبعده سيّان من هذه الجهة.

وعليه فاختيار المسافر الصلاة قصراً ونيّته لها لا يستوجب اتّصافها بالوجوب بل حاله بعد الشروع فيها كحاله قبله في كون الواجب إنّما هو الجامع بينها وبين التمام ، والتخيير الثابت من ذي قبل بعينه ثابت فعلاً ، من غير فرق بين ما قبل عروض الشكّ وما بعده.

وليس هذا من التخيير بين الصحيح والفاسد كما عن صاحب الجواهر قدس‌سره (١) ، لما عرفت من أنّ معنى التخيير إلغاء الخصوصيات وتعلّق الأمر بالجامع. وهذا المعنى باقٍ فعلاً كما كان ثابتاً قبلاً.

وعليه فلا مانع من شمول الإطلاق في دليل البناء على الأكثر لمثل المقام لأنّ الموضوع لهذا الحكم ليس هو الصلاة الرباعية بخصوصها ، بل كلّ صلاة لم تكن ثنائية ولا ثلاثية بمقتضى التخصيص بهما الثابت من الخارج.

وهذا الموضوع بعينه منطبق على المقام ، لما عرفت من أنّ الواجب على المسافر في مواطن التخيير ليس هو الصلاة الثنائية وإن اختارها ونواها خارجاً ، بل الجامع بينها وبين الرباعية ، فيشمله إطلاق الدليل ، ويجب عليه البناء على الأكثر من غير حاجة إلى نيّة العدول ، بل هو عدول قهري ، لكونه محكوماً بوجوب البناء على الأكثر بحكم الشارع ، المستلزم لإتمام الصلاة تماماً.

ومن هنا قد يقوى في بادئ النظر وجوب العدول ، لكونه مأموراً بالتمام بعد حكم الشارع بوجوب البناء على الأكثر بمقتضى إطلاق الدليل كما عرفت.

__________________

(١) الجواهر ١٢ : ٣٠٨.

۴۲۲