ذلك بعد الدخول في التعقيب ، أو في صلاة أُخرى ، أو بعد الإتيان بالمنافي عمداً وسهواً كالحدث والاستدبار ، وبين ما كان قبل ذلك ، فحكم بالالتفات في الثاني دون الأوّل.

أقول : أمّا إذا كان الشكّ قبل الإتيان بواحد من الثلاثة فلا إشكال في الالتفات ، لكونه من الشكّ في المحلّ وقبل أن يتجاوز عنه ، المحكوم بالاعتناء بمقتضى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال.

وأمّا إذا كان بعده ، فان كان بعد الإتيان بشي‌ء من المنافيات وبنينا كما هو الصحيح على أنّ من نسي السلام وتذكّر بعد ارتكاب المنافي عمداً وسهواً صحّت صلاته لحديث لا تُعاد المسقط للسّلام حينئذ عن الجزئية كما أوضحناه في محلّه (١) فالحكم في المقام ظاهر ، إذ لو صحّت الصلاة مع العلم بترك السلام فلدى الشكّ بطريق أولى ، فالصحّة ثابتة هنا بالفحوى والأولوية القطعية.

وأمّا على المبنى الآخر أعني البطلان لدى النسيان ، الذي هو المشهور وإن كان خلاف التحقيق فربما يتأمّل في الصحّة ، نظراً إلى عدم جريان قاعدة التجاوز في المقام ، لاشتراطها بالدخول في الجزء المترتّب ، المفقود في الفرض فإنّه قد دخل فيما يعتبر عدمه وهو المنافي ، لا فيما هو المترتّب على المشكوك فيه.

ويندفع بما تكرّر منّا من أنّ المدار في جريان القاعدة الخروج عن المحلّ والتجاوز عن الظرف المقرّر للمشكوك فيه ، المتحقّق بالدخول في الغير ، فالدخول لا شأن له عدا تحقيق عنوان التجاوز والكشف عن الخروج عن المحلّ ، فلا بدّ وأن يكون للمشكوك فيه محلّ خاصّ ، وأن يكون هو المشروط بالسبق والتقدّم لا أن يكون للغير الذي دخل فيه محلّ معيّن.

__________________

(١) شرح العروة ١٥ : ٣١٩ وما بعدها

۴۲۲