نعم ، ربما يظهر من صحيحة أُخرى لعبد الرحمن جريان القاعدة لو شكّ في الركوع لدى الهوي إلى السجود ، قال «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل أهوى إلى السجود فلم يدر أركع أم لم يركع ، قال : قد ركع» (١).

ومن هنا فصّل صاحب المدارك بين النهوض والهوي ، فحكم بعدم الجريان في الأوّل لما مرّ ، والجريان في الثاني لهذه الصحيحة (٢) وجعلها مخصّصة للقاعدة المتقدّمة.

ولكن الظاهر عدم التخصيص ، وأنّ هذه الصحيحة أيضاً مطابقة للقاعدة لأنّ المذكور فيها لفظة «أهوى» بصيغة الماضي ، ومفاده تحقّق الهوي إلى السجود المساوق لحصول السجود خارجاً ، فإنّه مرادف لقولنا سقط إلى السجود ، الملازم لتحقّقه ، فيكون موردها الشكّ في الركوع بعد الوصول إلى السجود ، الذي هو مورد لقاعدة التجاوز بلا كلام. فلا تدلّ على جريان القاعدة وعدم الاعتناء بالشكّ في الركوع حال الهوي ولو لم يصل إلى السجود.

نعم ، لو كان التعبير هكذا : يهوي إلى السجود ، بصيغة المضارع كان مفاده المعنى المذكور ، لظهور هذه الهيئة في التلبّس دون التحقّق كما لا يخفى. ومراجعة الاستعمالات العرفية تشهد بصدق ما ادّعيناه من الفرق بين الماضي والمضارع فانّ معنى قولنا : زيد صلّى ، تحقّق الصلاة والفراغ منها ، بخلاف قولنا : زيد يصلّي فانّ مفاده أنّه مشغول بالصلاة ولم يفرغ بعد عنها ، هذا.

ومع الغضّ عمّا ذكرناه فغايته الإطلاق ، وأنّ كلمة «أهوى» تشمل ما إذا وصل حدّ السجود وما لم يصل ، إذ لا ظهور لها في خصوص الثاني ، فيقيّد بصحيحة إسماعيل بن جابر المتضمّنة أنّ مورد عدم الاعتناء بالشكّ في الركوع إنّما هو

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٣١٨ / أبواب الركوع ب ١٣ ح ٦.

(٢) المدارك ٤ : ٢٤٩ ٢٥٠.

۴۲۲