وأمّا في الأوّل : فلا بدّ من إحراز الشرط ولو بالأصل من استصحاب ونحوه إذ الشكّ في الشرط شكّ في المشروط ، وهو مانع عن إحراز الامتثال الذي لا بدّ من اليقين به في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم.

وأمّا في الثاني : فإن كان محرزاً للشرط فعلاً وقد شكّ في تحقّقه بالإضافة إلى الأجزاء السابقة كما لو رأى نفسه متوجّهاً نحو القبلة وشكّ في كونه كذلك قبل ذلك ، لا مانع حينئذ من جريان قاعدة التجاوز في الأجزاء السابقة ، فتكون صحّتها محرزة بالتعبّد وصحّة اللّاحقة بالوجدان ، فيحكم بصحّة الصلاة بضمّ الوجدان إلى الأصل.

وأمّا إذا لم يحرزه بالفعل كما لو كان شاكاً في الطهارة وجب الاعتناء ، لعين ما مرّ في الأوّل من لزوم إحراز الشرط ، عملاً بقاعدة الاشتغال.

وربما يقال كما عن بعض بأنّ الشكّ في الطهارة في الأثناء لا يستوجب البطلان ، بل يتوضّأ ويبني على صلاته بعد إجراء قاعدة التجاوز بالنسبة إلى الأجزاء السابقة.

وفيه ما لا يخفى ، فإنّه خلط بين ما هو شرط للجزء وما يكون شرطاً في أصل الصلاة ، ففي الأوّل يتمّ ما أُفيد كما في مثال القبلة المتقدّم ، وكما لو شكّ حال القراءة في القيام حال التكبير الذي هو شرط في صحّته ، بل هو ركن كما مرّ (١) ، فيبني على صحّة الجزء السابق بقاعدة التجاوز ، ويحرز الشرط للجزء اللّاحق بالوجدان ، فتصحّ الصلاة بضمّ الوجدان إلى الأصل كما عرفت.

وأمّا الطهارة فهي من قبيل الثاني ، حيث إنّها شرط في تمام حالات الصلاة بما فيها من الأكوان المتخلّلة بين الأجزاء ، وليست شرطاً في الأجزاء خاصّة بل في الأكوان أيضاً وإن لم تكن هي من الصلاة. فما دام المصلّي في الصلاة

__________________

(١) في ص ٥٢.

۴۲۲