وأمّا إذا أنكرنا ذلك كما أنكرناه على ما سبق في محلّه (١) وقلنا إنّ المستفاد من الأدلّة أنّ كلّ جزء من أجزاء الوقت من المبدإ إلى المنتهي صالح في حدّ ذاته لكلّ من الصلاتين ، وقابل لإيقاع كلّ من الشريكتين ، غير أنّ مراعاة الترتيب تستدعي تقديم الظهر ، فلا يجوز إيقاع العصر أوّل الوقت اختياراً ، ولا بأس نسياناً بمقتضى حديث لا تعاد.

وبطبيعة الحال يختصّ مقدار أربع ركعات من آخر الوقت بالعصر ، بمعنى أنّه لا يزاحمه الظهر عندئذ ما دامت الذمّة مشغولة بالعصر ، فإن قضيّة الترتيب تستوجب ذلك. وهذا هو معنى وقت الاختصاص.

أمّا لو كانت فارغة منه للإتيان به قبل ذلك ولو نسياناً أو باعتقاد الإتيان بالظهر قبله المحكوم بالصحّة لذكرية شرطية الترتيب بمقتضى حديث لا تعاد كما عرفت فلا مانع من الإتيان بالظهر في هذا الوقت ، لما عرفت من أنّ الوقت في حدّ ذاته صالح لكلّ منهما ، ولم يثبت اختصاص الجزء الأخير بالعصر إلّا بالمعنى الذي ذكرناه أعني عدم جواز مزاحمة الظهر له. وحيث إنّ المفروض فراغ الذمّة عن العصر فلا أمر به كي تقع المزاحمة ، فلا محذور في الإتيان بالظهر عندئذ أداءً بعد وجود المقتضي وعدم المانع حسب الفرض.

وعلى الجملة : إذا بنينا على ثبوت وقت الاختصاص بالمعنى الذي ذكرناه وهو الحقّ ، لعدم اقتضاء الأدلّة أكثر من ذلك فلا مناص من الإتيان بالظهر المشكوك فيه ، إمّا للاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال كما مرّ ، فإنّه من الشكّ في الوقت ، لا في خارجه كي يلحقه حكمه.

وأمّا في فرض العلم بعدم الإتيان بالعصر أو الشكّ فيه والمفروض شكّه في الظهر أيضاً ، فلا إشكال في لزوم الإتيان بالعصر حينئذ كما هو ظاهر.

__________________

(١) في شرح العروة ١١ : ١٢٧.

۴۲۲