وهل يكون اشتراط وجود الراحلة مختصاً بصورة الحاجة إليها لعدم قدرته على المشي أو كونه مشقة عليه أو منافياً لشرفه أو يشترط مطلقاً ولو مع عدم
المريض والمسجّى الذي لا يقدر على المشي أصلاً حتى في داره وبلده ، وليس المراد به المشي إلى الحجّ.
وبعبارة اخرى : الصحيحة في مقام بيان وجوب الحجّ على كل من كان قادراً على المشي ، وكان متمكناً منه في بلده في مقابل المريض الذي لا يتمكن من المشي ، فالرواية أجنبية عمن يطيق المشي ويتمكّن منه بجهد ومشقة. وأمّا الذين حجّوا مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم يعلم أن حجهم كان حجّة الإسلام ، ويحتمل كون حجّهم حجّا ندبيّاً ، وإن فرض أوّل سنتهم ، فإنّ الحجّ يستحبّ للمتسكع ، ولم يكن مسقطاً عن حجّة الإسلام ، وأما ذكر الإمام عليهالسلام هذه القضية فليس للاستشهاد ، وإنما نقلها لمناسبة ما.
وبالجملة : لو سلمنا ظهور هذه الرواية في عدم اعتبار الراحلة فلا ريب أن ظهورها ليس بأقوى من ظهور تلك الروايات المتقدمة الدالة على اعتبار الراحلة ، بل تلك الروايات أظهر ، فنرفع اليد عن ظهور هذه الصحيحة لأجل أظهرية تلك الروايات.
فتحصل : أن المستفاد من الروايات اعتبار الزاد والراحلة مطلقاً حتى في حق القادر على المشي ، وبها نقيد الآية الشريفة ، وتحمل الآية على ما في الروايات ، ولا سيما أن الروايات واردة في تفسير الاستطاعة المذكورة في الآية ، وأمّا ما دلّ على كفاية التمكّن من المشي ، وعدم الاعتبار بالراحلة ، فلم يعمل بمضمونه أحد من الأصحاب حتى القائل بكفاية التمكن من المشي ، لأن مورد هذه الروايات حرجي وهو منفي في الشريعة المقدّسة.
ويؤيد بل يؤكد ما ذكرنا أن الحجّ لو كان واجباً على من تمكّن من المشي وإن لم يكن له راحلة ، لكان وجوبه حينئذ من جملة الواضحات لكثرة الابتلاء بذلك ، مع أنه