بقرينة السكوت عنه (*) في بعضها الآخر مع كونه في مقام البيان ، مضافاً إلى خبر عنبسة الدالّ على عدم وجوبه صريحاً فيه ، من غير فرق في ذلك بين أن يكون العجز قبل الشروع في الذهاب أو بعده وقبل الدخول في الإحرام أو بعده ، ومن غير فرق أيضاً بين كون النذر مطلقاً أو مقيّداً بسنة مع توقع المكنة وعدمه ، وإن كان الأحوط (**) في صورة الإطلاق مع عدم اليأس من المكنة وكونه قبل الشروع في الذهاب الإعادة إذا حصلت المكنة بعد ذلك لاحتمال انصراف الأخبار عن هذه الصورة ، والأحوط إعمال قاعدة الميسور أيضاً بالمشي بمقدار المكنة ، بل لا يخلو عن قوّة للقاعدة (***). مضافاً إلى الخبر «عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله حافياً ، قال عليهالسلام : فليمش فإذا تعب فليركب» ويستفاد منه كفاية الحرج والتعب في جواز الركوب وإن لم يصل إلى حدّ العجز ، وفي مرسل حريز : «إذا حلف الرجل أن لا يركب أو نذر أن لا يركب فإذا بلغ مجهوده ركب».
ومع ذلك سافر راكباً ثمّ برأ وتمكن من المشي في السنة الآتية.
أقول : الاحتياط في محله ، بل لا مقتضي للإجزاء فيجب عليه الحجّ ماشياً في السنة التي تمكن منه ، لعدم شمول الروايات الدالّة على الإجزاء والانتقال إلى الحجّ راكباً لهذه الصورة وانصرافها عنها ، وذلك لأن موضوع الروايات هو العجز عن المشي وعدم الاستطاعة منه وهو غير حاصل في المقام ، لأنّ المنذور على الفرض مطلق وغير مقيّد بسنة معيّنة ، والمفروض أنه قد حصل له التمكّن في السنة الآتية ، ولم يكن اليأس عن المشي حاصلاً له في هذه السنة ، بل كان يرجو زوال العذر ويتوقع
__________________
(*) السكوت في مقام البيان وإن كان ظاهراً في عدم الوجوب إلّا أنه لا يزيد على الظهور اللفظي الإطلاقي في أنه لا يعارض المقيّد ، والعمدة رواية عنبسة التي رواها الشيخ بطريق صحيح ، وعنبسة ثقة على الأظهر.
(**) بل الأظهر ذلك.
(***) القاعدة لا أساس لها ، والعمدة هو الخبر المذكور الصحيح.