والقول بالإعادة والمشي في موضع الركوب ضعيف لا وجه له.


بالتلفيق بين السنة الماضية واللّاحقة ، فلا يجب عليه المشي في تمام سفره في الحجّ الثاني. وفيه ما لا يخفى ، لعدم صدق الحجّ ماشياً على الملفّق.

ثمّ إنّ هنا رواية معتبرة وهي رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : «سأله عباد بن عبد الله البصري عن رجل جعل لله عليه نذراً على نفسه المشي إلى بيت الله الحرام فمشى نصف الطريق أو أقل أو أكثر ، فقال : ينظر ما كان ينفق من ذلك الموضع فيتصدق به» (١).

وربما يستفاد منها عدم وجوب الإتمام إذا مشى بعض الطريق ، ويتصدق بنفقة الحجّ من ذلك الموضع. وأُجيب عن ذلك بأن الرواية مهجورة لا مجال للعمل بها ، وقد ذكرنا مراراً وكراراً أن العبرة باعتبار الرواية ولا يضر هجرها ، والرواية معتبرة ورجال السند كلهم ثقات حتى عبد الرحمن بن حماد فإنه من رجال كامل الزيارات.

والصحيح أن يقال : إن الرواية لا تدل على ما قيل من عدم وجوب الإتمام وجواز الترك اختياراً والاكتفاء بالتصدق ، بل الظاهر منها أنها نظير الرواية التي دلت على وجوب صرف جَمله ونفقة حجّه وزاده في الإحجاج عن مالك هذه الأُمور إذا مات في بعض الطريق (٢) ، والفرق أن مورد تلك الرواية فيما له جمل ومورد روايتنا هذه ما لا جمل له ، وبالجملة : المستفاد من الرواية أنه لو مات الناذر في بعض الطريق يتصدق بنفقته ، ولا تدل على جواز ترك الحجّ اختياراً بمجرد المشي في بعض الطريق والتصدق بنفقة الحجّ ، ويدلُّ على ذلك قوله : «ينظر» فإنه ظاهر في أن المتصدق غير الناذر فالمراد أن الناذر مات وينظر شخص آخر في نفقته ، وإلّا لو كان المراد وجوب التصدق على نفس الناذر لقال : يتصدق بنفقته ، وعلى كل لا دلالة للرواية على مخالفة النذر في مورد السؤال.

__________________

(١) الوسائل ٢٣ : ٣٢٣ / كتاب النذر ب ٢١ ح ٢.

(٢) الوسائل ١١ : ٦٨ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٦ ح ٢.

۳۹۵