المتن كذلك ؛ لأن الغرض الذي يعقل أن يكون باعثا على الأمر بإحضار الماء هو تمكّن المولى من رفع عطشه به ، لا نفس رفع العطش ، خصوصا مع أن مصالح العبادات فوائد تقوم بها ، وتعود إلى فاعليها ، لا أنها عائدة إلى الآمر بها ؛ حتى يتصوّر عدم استيفاء غرضه منها ، بل من الأوفى (١) ، كما لا يخفى.

وأما ما ورد من الأمر بالإعادة (٢) في باب المعادة ، وأنه يجعلها الفريضة ، ويختار الله ـ تعالى ـ أحبّهما إليه ، وأنه يحسب له أفضلهما وأتمّهما ، فلا دلالة له على أنّ ذلك من باب تبديل الامتثال بالامتثال وكون سقوط الأمر مراعى بعدم تعقّب الأفضل.

__________________

وإن كانت بنحو الإشارة إلى حصّة خاصّة من إحضار الماء الملازم لشرب المولى منه ، فمجرّد إحضار الماء لا يكون مصداقا لتلك الحصّة ، فله مع عدم اتصاف المأتي به بالحصّة المأمور بها إحضار ماء آخر يشرب منه المولى ، وهو في الحقيقة راجع إلى عدم موافقة المأتيّ به للمأمور به فعلا ، وإن كان قابلا للموافقة بصيرورته حصّة ملازمة لشرب المولى ، ومن الواضح أن كون المأمور به هكذا يحتاج إلى دليل بالخصوص ، ولا يفي به ظواهر الأدلّة العامّة المتعلّقة بنفس الأفعال من دون تقييد ، نعم إذا قام الدليل على بقاء الأمر كان كاشفا عن أنّ مقام ثبوته على الوجه المزبور ، وجعله حصّة ملازمة لقدرة المولى يرجع إلى أنّ الغرض إحضار الماء فقط ، فإنّه مصحّح لقدرة المولى ، ومع حصوله يسقط الغرض.

ودعوى أنّه مقدّمة لتحصيل الغرض ـ وهو شرب الماء ـ فما لم يحصل لا يتّصف المقدّمة بالمقدّمية للبناء على المقدّمة الموصلة.

مدفوعة : بأنّه إنّما يصحّ إذا كان تحصيل الغرض الأصلي لازما ، ومثل هذا الغرض غير قابل للتكليف ، فلا يتّصف الفعل بالوجوب المقدّمي ، حتى يقتصر على الموصلة من المقدّمة. [ منه عفي عنه ].

(١) أي بل استيفاء غرضه من العبادات الأكثر وفاء بغرضه ، فلو أعاد المكلّف صلاته جماعة فالمولى يستوفي غرضه من الأخيرة وإن كانت الاولى تفي بغرضه أيضا ، هذا بناء على عود مصالح العبادات على المولى تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

(٢) قولنا : ( وأمّا ما ورد من الأمر بالإعادة .. الخ ).

توضيحه : إن أخبار باب المعادة طائفتان :

الاولى ـ ما ورد في باب إعادة الصلاة مع المخالفين إماما ومأموما : وهذه الطائفة مختلفة ، ففي

۴۲۶۱