١٥٧ ـ قوله [ قدس سره ] : ( قصارى ما يمكن أن يدّعى أن تكون الصيغة ... الخ ) (١).
فاستعمالها في الطلب بسائر الدواعي خلاف الوضع لا الموضوع له ، وما يمكن إثبات نتيجة هذه الدعوى به امور :
منها : انصرافها إلى ما كان بداعي الجدّ : فإنّ غلبة الاستعمال بداعي الجدّ ربّما يصير من القرائن الحافّة باللفظ ، فيكون اللفظ بما احتفّت به ظاهرا فيما إذا كان الإنشاء بداعي الجدّ ، إلا أن الشأن في بلوغ الغلبة إلى ذلك الحدّ ؛ لكثرة الاستعمال بسائر الدواعي ، ولو بلحاظ المجموع. فتأمل.
منها : اقتضاء مقدّمات الحكمة : فإنّ المستعمل فيه ، وإن كان مهملا من حيث الدواعي ، وكان التقييد بداعي الجدّ تقييدا للمهمل بالدقّة ، إلاّ أنه عرفا ليس في عرض غيره من الدواعي ؛ إذ لو كان الداعي جدّ المنشأ ، فكأنّ المنشئ لم يزد على ما أنشأ.
منها : الأصل العقلائي ؛ إذ كما أنّ الطريقة العقلائية في الإرادة الاستعمالية على مطابقة المستعمل فيه للموضوع له ، مع شيوع المجازات في الغاية ، كذلك سيرتهم وبناؤهم على مطابقة الإرادة الاستعمالية للإرادة الجدية.
__________________
استعمل في السخرية مجازا كما في قوله تعالى : ( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) الدخان ٤٤ : ٤٩ فلا يبعد أنّ سهو القلم الشريف للمصنف (رحمه الله) كان في الفعل ( يسخّره ) وهو يريد ( يسخر منه ) فعلا للسخرية التي تقدّم منه (رحمه الله) ذكرها ، خصوصا مع ملاحظة قوله (رحمه الله) بعدها : ( ... لا معنى لجعل المخاطب مسخرة بالحدث ).
وعلى كلّ حال فالخطب يسير حيث إن كلا المصدرين ـ التسخير والسخرية ـ من معاني الأمر المجازية.
(١) الكفاية : ٦٩ / ١٥.