٥٨ ـ قوله [ قدس سره ] : ( وأما على الأعم فتصوير الجامع في غاية الاشكال ... الخ ) (١).
وأما على تصورنا الجامع فالصحيحي والأعمّي ـ في إمكان الجامع ـ على حدّ سواء ؛ لما عرفت : أن مراتب الصحيحة والفاسدة متداخلة ، والصحة الفعلية وعدمها في كل مرتبة ، بلحاظ صدورها من أهلها وعدمه. وحينئذ فإن وضع لفظ الصلاة بإزاء ذاك العمل المبهم من جميع الجهات ، إلا من حيثية كونه ناهيا عن الفحشاء فعلا ـ بأن تكون هذه الحيثية معرّفة ، لا حيثية تقييدية مأخوذة في الموضوع له ـ فلا محالة يختصّ الوضع بخصوص الصحيحة ، وإن وضع بإزاء المبهم ـ إلا من حيث اقتضاء النهي عن الفحشاء دون الفعلية ـ عمّ الوضع ، وكان الموضوع له هو الأعمّ ؛ إذ من البيّن : أنّ حيثيّة الصدور ليست من أجزاء الصلاة ، فليست مما يقوم به الأثر ، فكل مرتبة من مراتب الصلاة لها اقتضاء النهي عن الفحشاء ، لكن فعلية التأثير موقوفة على صدورها من أهلها ، لا ممن هو أهل لمرتبة اخرى ، بل سيجيء (٢) ـ إن شاء الله تعالى ـ أن الشرائط كلها كذلك.
وحيث إنّ الموضوع له على الصحيح ، هو العمل الناهي ، فعلا ، وهو مردّد بين الأقلّ والأكثر ، فلذا لا مجال للتمسك بإطلاقه ؛ إذ ليس في البين معنى محفوظ يشك في لواحقه وأحواله ، بل كلّما كان له دخل في فعلية النهي عن الفحشاء ، فقد اخذ في مدلول الصلاة بالالتزام على ما يقتضيه معرّفه.
وحيث إنّ الموضوع له على الأعمّ هو العمل المقتضي للنهي عن الفحشاء ، والمفروض اقتضاء جميع المراتب ، وعدم تعلق دخل حيثية الصدور في اقتضائها ـ وإلا كان من أجزائها ، وهو بديهيّ الفساد ـ فاذا تحقّقت شرائط التمسك بالإطلاق ، صحّ للأعمّي نفي ما يتصوّر من المراتب التي تزيد جزءا
__________________
(١) الكفاية : ٢٥ / ١١.
(٢) التعليقة : ١٧٤ من هذا الجزء.