كحقائق النسب ، فلا محالة يجب الوضع لاشخاصها بجامع عنواني ـ كقولهم : كلما كان على زنة فاعل .. ـ وهو معنى نوعية الوضع ؛ أي الوضع لها بجامع عنواني ، لا بشخصيتها الذاتية.
أو المراد : أن المادة حيث يمكن لحاظها فقط ، فالوضع شخصي ، والهيئة حيث لا يمكن لحاظها فقط ـ بل في ضمن مادة ـ فالوضع لها يوجب اقتصاره عليها ، فيجب أن يقال : هيئة فاعل وما يشبهها .. ، وهذا معنى نوعية الوضع ؛ أي لا لهيئة شخصية واحدة بوحدة طبيعية ، بل لها ولما يشبهها. فتدبّر.
٣٦ ـ قوله [ قدس سره ] : ( لا يقال : كيف يكون علامة مع توقفه على العلم ... الخ ) (١).
ربما يقال (٢) : معنى كون التبادر علامة ، كونه دليلا إنّيّا على الوضع ؛ حيث إنّه معلول له ، وهو لا يقتضي الا كون الوضع مقتضيا ، والعلم به شرط تأثيره ، فلا مجال لتقرير الدور ؛ حيث أنّ صفة الاقتضاء والمعلولية غير موقوفة على العلم ، كما لا مجال لدفعه بأنه علامة للجاهل عند العالم ، فان صفة المعلولية بالمعنى المذكور ثابتة في حد ذاتها من غير نظر إلى العالم والجاهل.
وفيه ـ مضافا إلى لزوم الدور ، من ناحية توقف المشروط على شرطه ، والشرط على مشروطه ـ أن الانتقال إلى المعنى لا يعقل أن يكون معلولا للوضع ومن مقتضياته ؛ لأن حقيقة الوضع جعل طبيعيّ اللفظ وجودا تنزيليا لطبيعي المعنى بالقوة ، وبالاستعمال يكون وجود اللفظ خارجا وجودا بالذات لنفس طبيعة اللفظ ، ووجودا بالعرض لنفس المعنى بالفعل ، وهذا هو مقتضى الوضع الذي لا يتفاوت العلم والجهل به ؛ حتى أنه لو وجد اللفظ ذهنا كان هذا الوجود الواحد وجودا بالذات للّفظ حقيقة ، ووجودا بالعرض لنفس المعنى ، سواء علم السامع
__________________
(١) الكفاية : ١٨ / ١٦.
(٢) القائل صاحب المحجة ـ كما في هامش الأصل ـ.