١٩٠ ـ قوله [ قدس سره ] : ( وأما إذا لم يكن الامتثال علّة تامّة لحصول الغرض ... الخ ) (١).
التحقيق : أن إتيان المأمور به ـ بحدوده وقيوده ـ علّة تامّة للغرض الباعث على البعث إليه ، والغرض القائم بإحضار الماء تمكّن المولى من رفع عطشه به مثلا لا نفس رفع العطش كما هو واضح. نعم ، هو غرض مقدّمي لا أصيل ، وهو غير فارق ؛ إذ مدار امتثال كلّ أمر على إسقاط نفس الغرض الباعث عليه لا شيء آخر ، ولا يتوقّف الامتثال ولا اتصاف المقدّمة بالمقدمية على تعقّبها بذيها عنده ( قده ) وعند المشهور كما سيجيء (٢) إن شاء الله تعالى.
وما يرى من وجوب إتيان الماء ثانيا ـ لو اريق الماء ـ لا دلالة له على شيء ؛ لأن الغرض تمكّن المولى من شربه ، وقد انقلب إلى نقيضه ، فيجب عليه إحضاره ثانيا لعين ما أوجبه أوّلا ؛ لا لأن ملاك الامتثال استيفاء المولى غرضه منه. نعم ، هو ملازم له أحيانا ، وسيجيء ـ إن شاء الله تعالى ـ تتمّة الكلام في مبحث الإجزاء (٣).
__________________
المراد مطلوبية العمل المكرّر.
وثانيهما ـ ما يكون نتيجته نتيجة تبديل الامتثال بامتثال آخر يراد مرة من وجود الطبيعة إذا اقتصر عليها ، وإلاّ فالمرة الثانية ، وعليه فالمرة الثانية هي المطلوبة ، لا أنها بضميمة الاولى مطلوب واحد. وكلاهما محلّ الاشكال :
أما الأول ـ فبعد الغضّ عن المحذور في مقام ثبوته لا يفي به مقام الإثبات هنا ؛ إذ مقتضى الإطلاق رفع قيدية المرة والمرات ، ومقتضى التخيير بين الأقلّ والأكثر ملاحظة الأقل بشرط لا ، فلا بد هنا [ من ] حفظ المرة وتقييد المطلوب بها ، وهو خلف.
وأما الثاني فأصل مقام ثبوته ـ كما نبهنا عليه هنا وفيما بعد ـ غير معقول ، فلا يعقل الإطلاق المفيد فائدة تبديل الامتثال بالامتثال. [ منه قدس سره ].
(١) الكفاية : ٧٩ / ٢٢.
(٢) التعليقة : ٢٠١ ج ١ و ٧١ ج ٢.
(٣) التعليقة : ٢٠١ من هذا الجزء.