والكلي العقلي هو الحيوان بوصف الكلية ، وحيث إن الكلية من الاعتبارات العقلية ، فلا محالة لا موطن للموصوف بها بما هو كذلك إلا في العقل ، ولذا وصف بالكلي العقلي ، لا أن كليته العقلية بلحاظ تقيده باللحاظ الاستقلالي أو الآلي ـ كما في المتن ـ كيف؟ واللحاظ ـ الذي هو وجوده الذهني ـ مصحّح جزئيته في الذهن ، مع أن صيرورته جزئيا ذهنيا بملاحظة تقيّده بالوجود الذهني مسامحة واضحة ؛ إذ الجزئية والكلية من اعتبارات المعاني والمفاهيم ؛ لأن الإباء عن الصدق وعدمه ، إنما يعقل في المفهوم ، لا في الموجود فالموجود مطلقا خارج عن المقسم ، ولذا لو قيد به شيء خرج عن قابلية الصدق ، لا لأنه كلي عقلي أو جزئي عقلي ، فإنّ الكلّي العقلي قابل للحمل على نفسه بالحمل الذاتي الأوّلي ، بخلاف الوجود الحقيقي والمتقيّد به ، فإنهما غير قابلين للصدق رأسا.
١١٢ ـ قوله [ قدس سره ] : ( اختلاف المشتقات في المبادئ وكون المبدأ في بعضها ... الخ ) (١).
تحقيق القول فيه : أن عدم رجوع الاختلاف إلى الجهة المبحوث عنها بأحد وجهين : إما بإشراب الجهات المذكورة في المتن ـ من الفعلية والقوة والملكة والاستعداد ونحوها ـ في ناحية المبادي ، فالتلبّس في كل واحد بحسبه ، كما هو ظاهر غير واحد من الأصحاب في مقام الجواب. وإما بعدم الالتزام بالتصرف في ناحية المبادي أيضا ، بل بوجه آخر كما يساعده دقيق النظر ، فنقول :
أما في مثل : النار محرقة ، والشمس مشرقة ، والسم قاتل ، والسنا مسهل ـ إلى غير ذلك مما يكون مسوقا لبيان المقتضيات ـ فالجواب عنه : أن النظر فيها إلى مجرّد اتحاد الموضوع والمحمول في الوجود ، لا إلى اتحادهما في حال ؛ ليقال : بأنه إطلاق على غير المتلبّس ، فالقاتل في قضيتي ( زيد قاتل ) ، و ( السم قاتل ) على
__________________
(١) الكفاية : ٤٣ / ١١.