وبالجملة : ففي كليهما يكون المحمول متقرّرا في مرتبة ذات الموضوع ، فيكون الحكم باتحادهما مفيدا.
وأما في غير هذه الأقسام المسطورة ، فلا يفيد الحمل إلا إذا رجع إلى أحدهما ، كحمل الأبيض على الجسم ، فانه لا شك في معنى هيئة أبيض ، بل في مفاد مادّته ، وحيث إن كلّ ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات ، فلا محالة ينتهي الأمر إلى الحمل على تلك الصفة القائمة بالجسم ، وهو من حمل الكلّي على فرده ، وبتبعه يعلم أن الأبيض معناه ما له تلك الصفة المسماة بالبياض.
وأما السلب : فان كان في قبال الحمل الشائع ـ بمعنى مجرد اتحاد الموضوع والمحمول في الوجود ، بحيث يصح حمل الانسان على البشر أيضا بهذا الحمل ؛ نظرا إلى أن المتغايرين بالاعتبار ، كما أنهما متحدان ذاتا متحدان وجودا ـ فلا محالة يكون السلب دليلا على أن المسلوب لا عين ذات المسلوب عنه ، ولا متقرر في مرتبة ذاته.
وإن كان في قبال الحمل الشائع ـ بمعنى كون الموضوع مطابق مفهوم المحمول ومندرجا تحته ـ فلا محالة لا يكون السلب علامة المجازية ؛ لصحة سلب الانسان بهذا الوجه عن الحيوان الناطق مع اتحادهما ذاتا ، وبهذا الاعتبار يقال : الجزئي ليس بجزئي بل كلي ، مع أن مفهوم الموضوع والمحمول واحد ، فتدبّر جيّدا.
٣٩ ـ قوله [ قدس سره ] : ( قد ذكر الاطراد وعدمه علامة للحقيقة والمجاز ... الخ ) (١).
ليس الغرض تكرر استعمال لفظ في معنى وعدمه ، بل مورد هاتين العلامتين ما إذا اطلق لفظ باعتبار معنى كلّيّ على فرد يقطع بعدم كونه من حيث الفردية من المعاني الحقيقية ، لكنّه يشكّ أنّ ذلك الكلي كذلك أم لا ، فاذا وجد صحة الاطلاق مطّردا باعتبار ذلك الكلي ، كشف عن كونه من المعاني الحقيقية ؛
__________________
(١) الكفاية : ٢٠ / ٤.