يمكن أن يقال : إن حجية الخبر ـ على المشهور ـ وان كان مرجعها إلى إنشاء الحكم على طبق الخبر ـ وهو من عوارضه ـ إلا أنه بعناية أنه وجود تنزيلي للسنة ، وهذا المعنى كما أن له مساسا بالخبر ، كذلك بالسنة.
فحاصل البحث : إثبات وجود تنزيلي للسنة ، وبهذا الاعتبار يقال بثبوت السنة تعبدا ، وإلا فالحكم على طبق المحكي له ثبوت تحقيقي لا تعبدي ، وكونه عين التعبّد لا يقتضي أن يكون تعبّديا ، بل هو كنفس المحكي له ثبوت تحقيقي فتأمل.
وربما يتخيل : إمكان جعل الموضوع نفس السنة الواقعية ، بالبحث عن تنجزها بالخبر ، لكنه كالثبوت التعبدي إشكالا وجوابا ، من حيث إن المنجزية ـ وهي صفة جعلية ـ قد اعتبرت في الخبر ، فهي من حيثيات الخبر ، لا من حيثيات السنة الواقعية ، ومن حيث أن المنجزية والمتنجزية متضايفتان ، فجعل الخبر منجزا يلازم جعل السنة متنجزة به ، فيصح البحث عن كل منهما ، بل الثبوت التعبدي أكثر مساسا بالسنة من التنجز ؛ حيث إن اعتبار الثبوت هو اعتبار كون الخبر وجود السنة ، فيكون بالاضافة إلى السنة كالوجود بالنسبة إلى الماهية ، بخلاف التنجز فإنه وصف زائد على السنة ، مجعول تبعا بجعل المنجزية للخبر استقلالا ، فهو أشد ارتباطا بالخبر من السنة. فتدبر جيدا.
٩ ـ قوله [ قدس سره ] : ( المراد من السنة ما يعمّ حكايتها ... الخ ) (١).
بأن يراد من السنة ـ الواقعة في كلماتهم ـ طبيعي السنة بوجودها العيني أو الحكائي ، فإن الشيء له انحاء من الوجود بالذات وبالعرض ، ومنها وجودها في الحكاية ، أو أن يراد الأعمّ بغير ذلك.
__________________
(١) الكفاية : ٩ / ٧.