أو بخصوص القول؟ والظاهر من الإطلاقات العرفية أنه لا يقال لمن أراد قلبا : إنه أمر ، بل يقال : أراد ، ولم يأمر بالمراد ، بل سيجيء (١) ـ إن شاء الله تعالى ـ ما لا يبقى معه مجال لصدق الأمر بلا دالّ.
كما أن الظاهر صدق الأمر على الطلب المدلول عليه بدالّ ، وإن لم يكن بخصوص القول ؛ لصدقه عرفا على البعث بالإشارة والكتابة عرفا.
ولا يتوهم : أن صدقه على البعث بهما من جهة الكشف عن الطلب القولي ، وذلك لأنّ الإشارة إنما هي إلى المعاني خصوصا ممن لا يعرف أن في دار الوجود ألفاظا ، والكتابة وإن كانت نقش الألفاظ إلا أن الطلب القولي هو الطلب المدلول عليه باللفظ لا بنقش اللفظ ، فتوسط نقش اللفظ للدلالة على الطلب لا يجعل الطلب قوليا.
والإجماعات المحكية على وضع الأمر للطلب القولي ـ مع مصادمتها بتعريف كثير من القدماء للأمر بصرف الطلب ـ لا حجية فيها بعد مساعدة العرف على خلافه ، مع أنه يمكن إرادتهم لأشيع أفراد ما ينشأ به البعث مثلا.
وأما قوله تعالى : ( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )(٢) فلا دلالة له على انحصار الدالّ في القول ، وإن كان قوله تعالى : ( أَنْ يَقُولَ ... ) إلى آخره بيانا لأمره تعالى.
وجه عدم الدلالة : أنّ المراد بالكلمة الوجودية بقوله : ( كُنْ ) ليس هذه الصيغة الإنشائية قطعا ، بل هذه هي المعبّر عنها في كلمات أهل المعرفة بالكلمة الوجودية ، وفي خطبة أمير المؤمنين وسيد الموحدين ـ عليه السلام ـ : « إنما يقول لما أراد كونه :
__________________
(١) وذلك في التعليقة : ١٤٦ عند قوله : ( وتحقيق الحال فيه ... ).
(٢) سورة يس ٣٦ : ٨٢.