٩٤ ـ قوله [ قدس سره ] : ( وكون الوضع في حال وحدة المعنى ... الخ ) (١).
تفصيله : أن حال الوحدة : تارة تضاف إلى المعنى ، ومن الواضح أن مجرّد وقوع اللفظ بإزاء المعنى في حال تفرّده باللحاظ عند الوضع لا يقتضي تقيّد الموضوع له بها.
واخرى تضاف إلى نفس الوضع ، ويراد منها استقلال كل وضع ، وعدم كونه ناظرا إلى وضع آخر ولا متمما له ، فالاستعمال الموافق للوضع يجب أن يكون كذلك بأن يقع كل استعمال منفردا عن استعمال آخر ، وهو ظاهر بعض أجلّة العصر (٢).
وفيه : أن مطابقة الاستعمال للوضع إنما تجب في الموضوع والموضوع له بحدودهما وقيودهما ، ولا تجب في غير ذلك ، وملاك صحة الاستعمال الحقيقي جريه على قانون الوضع ، وهو مطابقته له على الوجه المزبور.
وأما خصوصيات الوضع ـ أعني عمل الواضع ـ فغير لازمة المراعاة ؛ لوضوح أن متابعة كل جعل من كل جاعل إنما هي بملاحظة مجعوله ، لا بملاحظة نفس جعله ؛ إذ ليس للجعل جعل آخر.
وأما عدم كون أحد الوضعين ناظرا إلى الآخر ولا متمّما له فمسلم ، إلا أن مرحلة الاستعمال ـ أيضا ـ كذلك ؛ حيث إن استعمال لفظ في معنى ليس متمّما للاستعمال الآخر ، فكما أن الوضعين لا يرجعان إلى وضع واحد ، كذلك الاستعمالان ، فالجمع بين الاستعمالين ، لا بين المعنيين كي يؤول إلى استعمال واحد ؛ لينافي تعدد الوضع. فافهم واستقم.
__________________
(١) الكفاية : ٣٦ / ١٨.
(٢) الملاّ علي النهاوندي في تشريح الاصول : ٤٨.