بل في وضعها لطلب الشيء دفعة أو مكرّرا ، فالمرّة والتكرار من قيود مفاد المادة لا الهيئة.
لا يقال : يمكن الوضع للطلب المتقيّد بالحدث المتكرّر ـ مثلا ـ من دون أخذ التكرار لا في مفاد الهيئة ، ولا في مفاد المادة ، وإن كانت الهيئة بالملازمة تدلّ على ملاحظة التكرار في جانب المادة في مرحلة الطلب بها.
لأنا نقول : ما لم يلاحظ التكرار ـ في جانب المبدأ ـ في مرحلة الاستعمال ، لا يعقل تقيّد مفاد الهيئة به في مرحلة الاستعمال ، فيلزم نقض الغرض من أخذه في المادّة في مرحلة الاستعمال.
١٨٥ ـ قوله [ قدس سره ] : ( ضرورة أن المصدر ليس مادة ... الخ ) (١).
قد عرفت نبذة مما يتعلّق بهذا المقام في أوائل مبحث المشتقّ ، وقد أسمعناك هناك : أنّ الاشتقاق المعنوي عبارة عن طروّ أنحاء النسب على مبدأ واحد ، وهو المشتقّ منه بلحاظ لا بشرطيته الذاتية وقبوله الطبيعي لجميع أنحاء النسب ، وبإزاء ذلك المبدأ مادة اللفظ المشتركة بين جميع الألفاظ المختلفة في الهيئات فقط.
والمصدر مشتمل على نسبة ناقصة لا يصحّ السكوت عليها ، وإن كان ربّما يطلق ويراد منه نفس المبدأ كما لا يخفى ، واشتماله على نسبة ناقصة معنى اشتقاقه معنى.
وأما عند الجمهور فالمصدر بمعناه نفس المبدأ ، فلا يكون بحسب المعنى من المشتقّات لخلوّه عن النسبة ، وحينئذ فالهيئة لمجرّد انحفاظ المادّة ؛ حيث لا يعقل وجود المادّة بلا صورة. وعليه فما حكي عن السكاكي (٢) نافع لما ذكره في
__________________
(١) الكفاية : ٧٨ / ١.
(٢) وهو العلاّمة أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي الخوارزمي ، الملقب بسراج الدين