ولا عدم الاتحاد في الوجود ، كما في تقدّم الواحد على الاثنين ، أو تقدم الجنس والفصل على النوع.
كما أنّ توهّم : استحالة جعل اللفظ علامة ، كجعله فانيا ومرآة ؛ نظرا إلى امتناع لحاظين لمعنيين في آن واحد ، كامتناع لحاظين في لفظ واحد.
مدفوع : بما تقدّم من إمكان لحاظين في آن واحد ، بل الموجب للاستحالة ما سيجيء (١) ـ إن شاء الله تعالى ـ فتدبّره ، فإنه دقيق ، وبه حقيق.
٩٢ ـ قوله [ قدس سره ] : ( بل جعله وجها وعنوانا له بل بوجه نفسه كأنه الملقى .. الخ ) (٢).
والشاهد عليه : عدم صحة الحكم على اللفظ ـ بما هو ـ في حال الاستعمال ، فيعلم منه أن النظر بالذات إلى المعنى ، وأن اللفظ آلة لحاظه ، ولا يعقل أن يكون آلة اللحاظ ـ في حال كونها كذلك ـ ملحوظة بلحاظ آخر لا آليّا ولا استقلاليّا ؛ لامتناع تقوّم الواحد بلحاظين حيث إنه من قبيل اجتماع المثلين ، أو لامتناع الجمع بين اللحاظين في لحاظ واحد للزوم تعدد الواحد ووحدة الاثنين.
والتحقيق : أن الأمر في الاستحالة أوضح من ذلك. بيانه : أنّ حقيقة الاستعمال إيجاد المعنى في الخارج باللفظ ؛ حيث إنّ وجود اللفظ في الخارج وجود لطبيعي اللفظ بالذات ، ووجود لطبيعي المعنى بالجعل والمواضعة والتنزيل لا بالذات ؛ إذ لا يعقل أن يكون وجود واحد وجودا لماهيتين بالذات ، كما هو واضح ، وحيث إن الموجود الخارجي بالذات واحد ، فلا مجال لأن يقال : بأن وجود اللفظ وجود لهذا المعنى خارجا ووجود آخر لمعنى آخر ؛ حيث لا وجود آخر كي ينسب إلى الآخر بالتنزيل ، وليس الاستعمال إلاّ إيجاد المعنى بنحو وجوده اللفظي
__________________
(١) وذلك في التعليقة التالية : ٩٢.
(٢) الكفاية : ٣٦ / ٧.