عرفت في الحاشية السابقة آنفا فلا نقض لا بالتحديدات ، ولا بسائر القضايا الجارية في غير الذاتيات. فافهم جيّدا.
١٣٦ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( لا ريب في كفاية مغايرة المبدأ مع ما يجري المشتقّ عليه مفهوما ... الخ ) (١).
توضيحه : قد مر مرارا أن الحمل مطلقا لا بدّ فيه من مغايرة ما ، ومن اتحاد ما : فإن كان الحمل أوّليا ذاتيا ، فالمغايرة المعتبرة فيه بالاعتبار ، والاتحاد المعتبر فيه بالحقيقة والماهية ؛ إذ المفروض أن النظر فيه إلى الذات من حيث هي ، لا من حيث الوجود الخارجي ، ومع فرض الاتحاد بالذات والحقيقة ، لا يبقى مجال للمغايرة ، إلا المغايرة الاعتبارية الموافقة للواقع ، لا بفرض الفارض ، كحمل الحد على المحدود ؛ حيث إن المحدود ملحوظ بنحو الجمع والانطواء والإجمال ، والحدّ ملحوظ بنحو الفرق والكثرة والتفصيل ، وكحمل أحد المترادفين على الآخر ، فإنّ المفهوم الواحد بما هو مسمّى هذا اللفظ ، غيره بما هو مسمى ذلك اللفظ ، واعتبار المسمى ـ كاعتبار الاجمال والتفصيل ـ مصحّح للحمل ، لا مأخوذ في المحمول ، كما ربما يتوهم.
وإن كان الحمل حملا شائعا صناعيا ، فالاتحاد المعتبر فيه ـ كما عرفت غير مرة ـ هو الاتحاد في الوجود ؛ إذ المغايرة في الوجود مخلّة بالحمل الذي حقيقته الهوهوية في الوجود ، ولا يتصور الوحدة في الوجود مع تغاير الطرفين وجودا ؛ إذ الوحدة رفيق الوجود تدور معه حيثما دار ، ومع الاتحاد الحقيقي في الوجود لا يبقى مجال للمغايرة المعتبرة في صحّة الحمل إلا المغايرة المفهومية.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أن المغايرة المعتبرة في المفهوم في الحمل الشائع إنما هي بين الموضوع والمحمول المحكومين بالاتحاد في الوجود ، والمبدأ ـ بما هو ـ
__________________
(١) الكفاية : ٥٦ / ١١.