الوضع

١٥ ـ قوله [ قدس سره ] : ( الوضع : هو نحو اختصاص اللفظ بالمعنى ، وارتباط خاص ... الخ ) (١).

لا ريب في ارتباط اللفظ بالمعنى واختصاصه به ، وإنما الإشكال في حقيقة هذا الاختصاص والارتباط ، وأنه معنى مقولي ، أو أمر اعتباري.

وتحقيق الكلام فيه : أن حقيقة العلقة الوضعية لا يعقل أن تكون من المقولات الواقعية ـ لا ما له مطابق في الأعيان ، ولا ما كان من حيثيات ما له مطابق في الأعيان ـ لأن المقولات العرضية ـ سواء كانت ذات مطابق في الخارج ، أو ذات منشأ لانتزاعها واقعا ـ مما تحتاج إلى موضوع محقق في الخارج ؛ بداهة لزومه في العرض ، مع أنّ طرفي الاختصاص والارتباط ـ وهما اللفظ والمعنى ـ ليسا كذلك ، فإنّ الموضوع والموضوع له طبيعي اللفظ والمعنى ، دون الموجود منهما ، فإنّ طبيعيّ لفظ الماء موضوع لطبيعي ذلك الجسم السيال ، وهذا الارتباط ثابت حقيقة ، ولو لم يتلفظ بلفظ الماء ، ولم يوجد مفهومه في ذهن أحد.

ومنه يظهر : أنه ليس من الامور الاعتبارية الذهنية ؛ لأن معروضها ذهني ، بخلاف الاختصاص الوضعي ، فان معروضه نفس الطبيعي ، لا بما هو موجود ذهنا كالكلية ، والجزئية ، والنوعية ، والجنسية ، ولا بما هو موجود خارجا كالمقولات العرضية ، فتدبر.

وتوهم : أن صيغة ( وضعت ) منشأ للانتزاع ، فقد وجد الاختصاص والارتباط بوجود المنشأ ، نظير ثبوت الملكية ـ مثلا ـ بالعقد أو المعاطاة.

__________________

(١) الكفاية : ٩ / ١٨. وفيه : نحو اختصاص للفظ.

۴۲۶۱