قلت : نعم ، لا فرق بين جعل النسبة في السالبة سلبية ، وجعل السلب واردا عليها ، فيما هو المهم في المقام ، وإنما المهمّ عدم جعل الزمان قيدا للسلب.
وأما تفسير النسبة السلبية بالعدم الناعتي ، والنسبة الايجابية بالوجود الرابطي ، فقد مرّ سابقا : أن النسبة الحكمية أعمّ من الوجود الرابط ، وهو أيضا أعم من الوجود الرابطي.
وأما جعل العدم ناعتيا رابطيا ، فلا وجه له ؛ فإن الرابطية للوجود بلحاظ حلوله في الموضوع ، وأن كونه في نفسه كونه لموضوعه ، وهذا شأن الوجود ، فإنه الحالّ ، وله الناعتية والرابطية ، والعدم لا شيء حتى يحل في شيء ليكون ناعتيا رابطيا.
وأما لزوم انقلاب المعنى الحرفي اسميا بورود السلب على النسبة ، فمدفوع : بأن العقل إذا وجد كون هذا ذاك ، فقد وجد المطابقة وادركها بالعرض والتبع ، لا أنه وجد المطابقة ، وأدركها بما هي مطابقة. فكذلك إذا أدرك أن هذا ليس ذاك ، فقد أدرك عدم مطابقة الذات لعنوان الوصف بالتبع ، لا أن عدم المطابقة ـ بهذا العنوان ـ ملحوظ استقلالا.
هذا ، ويمكن إصلاح قيدية الزمان للمسلوب عنه بتقريب : أن الثابت الذي له وحدة مستمرة بلحاظ الوجود ، وإن لم يتقدر بالزمان ـ لأنه شأن الأمر الغير القارّ ـ لكنه مع كل جزء من أجزاء الزمان ، وبهذا الاعتبار يقال بمرور الزمان عليه ، فصح أن يلاحظ ( زيد ) مع جزء من الزمان الذي له المعية معه ، فيسلب عنه ـ مطلقا ـ مطلق الوصف.
وأما قيدية الزمان للعدم ، ولو بهذا المعنى ، فلا معنى لها ؛ إذ العدم لا شيء حتى يكون له المعية مع الزمان.
نعم مرجع معيّته مع الزمان إلى عدم معيّة الوجود ـ الذي هو بديله مع الزمان ـ فتكون النسبة متقيّدة بالزمان حقيقة ، لا السلب.