تذييل وتكميل
قد ظهر مما ذكرنا حال استعمال اللفظ في معنييه ـ الحقيقي والمجازي ـ إمكانا وامتناعا ، منعا وجوازا.
وعن بعض المدقّقين من المعاصرين (١) : دعوى الاستحالة هنا ، وإن قلنا بالامكان هناك ؛ نظرا إلى أن الحقيقية والمجازية وصفان متقابلان ، والاستعمال الواحد ـ واللفظ الواحد ـ لا يتصف بوصفين متقابلين لاستحالة الجمع بين المتقابلين.
ويندفع : باختلاف الجهة والحيثية ، فإنّ اللفظ ـ من حيث إنه يفيد المعنى الموضوع له ـ مطابق للوضع ، فمن هذه الجهة يتصف بوصف اعتباري ، وهو كونه حقيقة ، ومن حيث إنه يفيد المعنى ـ الذي لم يوضع له ـ غير مطابق للوضع ، فيتّصف من هذه الحيثية بالمجازية ، فهناك حيثيتان حقيقيتان موافقتان لنفس الأمر ، وبهما يصحّ اتصاف اللفظ والاستعمال بالحقيقيّة والمجازية.
ولا يجري هذا الوجه في الأعراض المتأصّلة كالسواد والبياض حتى ينتقض بهما ؛ لما عرفت أنهما وصفان انتزاعيان من اللفظ واقعا بملاحظة الحيثيتين المزبورتين الموجودتين في اللفظ ، مع أنه لو تمّ الإشكال لما اختصّ بالاستعمال في الحقيقي والمجازي ، بل يعمّ الحقيقيين والمجازيين لامتناع اجتماع المتماثلين ، كامتناع اجتماع المتقابلين. فافهم واغتنم.
٩٧ ـ قوله [ قدّس سره ] : ( أو كان المراد من البطون لوازم معناه ... الخ ) (٢).
__________________
(١) صاحب المحجّة ـ كما في هامش الأصل ـ.
(٢) الكفاية : ٣٨ / ٩.