مقولة الانفعال ، لا نفس الوجوب ، وليس الإيجاب إلاّ هذا الوجوب من حيث صدوره عن الموجب ، وحيثية الصدور والتأثير وأشباهها حيثيات انتزاعية. فافهم واستقم.
١٦٠ ـ قوله [ قدس سره ] : ( كيف؟ وقد كثر استعمال العامّ في الخاصّ حتى قيل : ما من عامّ ... الخ ) (١).
ربما يقال : إن كثرة الاستعمال الموجبة للنقل أو الإجمال ، إنما تصحّ في مثل أسماء الأعلام والأجناس ، لا في مثل الهيئات التي لا تنتهي إلى جامع لفظي ، بل ينتزع عن الهيئات المختلفة ـ باختلافها تارة وزنا وحركة ، وباختلاف موادّها اخرى ـ جامع يعبر عنه بصيغة ( افعل ). ومن الواضح أن هذا الجامع الانتزاعي لم يستعمل في شيء غالبا حتى يوجب انس الذهن بالنسبة إلى اللفظ والمعنى ، واستعمال هيئة خاصة في الندب تارة ، واستعمال هيئة خاصة اخرى فيه اخرى ، لا يوجب الانس بين لفظ ومعنى ، والجامع الانتزاعي غير مستعمل في شيء لا أنه ليس من مقولة الألفاظ.
وجوابه يتضح (٢) بالرجوع إلى ما أسمعناك في تحقيق نوعية الوضع في الهيئات ، وإجماله : أن الهيئات الموضوعة للبعث اللزومي ـ باختلاف موادّها وأوزانها وحركاتها ـ لها نحو وحدة باعتبار أن جميع هذه المختلفات بوضع واحد وضعت لمعنى واحد ، فاذا استعملت المتفرّقات من هذه الهيئات في غير ما وضعت
__________________
(١) الكفاية : ٧٠ / ١٨.
(٢) قولنا : ( وجوابه يتضح .. الخ ).
إلا أن هذا إنما يصحّ إذا كان الوضع واحدا بالحقيقة ، وذلك لا يمكن إلا مع وحدة الموضوع حقيقة ، مع أنك قد عرفت أنه لا جامع ذاتي بين الهيئات ، فليس هناك إلا جامع عنواني ، والمعنونات ـ بما هي ـ موضوعة بنحو الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ ، فلا وحدة إلاّ بحسب العنوان والعبارة. ( منه عفي عنه ).