بل لأن وجوده ثانيا وثالثا مطلوب لا لبقاء الأمر وعدم ما يسقطه ، بل القائل بالتكرار لا يمكنه القول بعدم الإجزاء ـ بمعنى لازمه التدارك ـ إذ القائل بالتكرار يقول به ما دام الامكان ، ومعه لا مجال للتدارك.
[ في إجزاء امتثال المأمور به عن التعبد به ثانيا ]
٢٠٠ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( إن الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي ... الخ ) (١).
سواء كان الإجزاء بمعنى الكفاية عن التعبّد به ثانيا ، أو عن تدارك المأتي به إعادة أو قضاء :
أما بالنسبة إلى التعبد به ثانيا : فلأن المفروض وحدة المطلوب ، وإتيان المأمور به على الوجه المرغوب ، فلو لم يسقط الأمر مع حصول الغرض عند الاقتصار عليه ، وعدم تبديله بامتثال آخر ـ كما مرّ ـ للزم الخلف ، وهو بديهي الاستحالة ، أو بقاء المعلول بلا علة ؛ لأنّ بقاء الأمر : إما لأنّ مقتضاه تعدّد المطلوب ، فهو خلف ؛ لأن المفروض وحدة المطلوب ، وإما لأن المأتيّ به ليس على نحو يؤثّر في حصول الغرض ، فهو خلف أيضا ، وإما لا لشيء من ذلك ، بل الأمر باق ، ولازمه عدم الإجزاء ، فيلزم بقاء المعلول بلا علة. وأما شبهة طلب الحاصل من بقاء الامر (٢) ، فقد عرفت سابقا دفعها (٣) ؛ فان المحال طلب الموجود بما هو
__________________
(١) الكفاية : ٨٣ / ٥.
(٢) قولنا : ( وأمّا شبهة طلب الحاصل .. الخ ).
لا يقال : هذه الشبهة بلحاظ المصلحة ، فالأمر بايجاد العمل لأجل المصلحة طلب الحاصل.
لأنا نقول : إن كانت المصلحة قابلة لتعدّد الموجود فحالها حال الفعل ، وإن لم تكن قابلة للتعدّد فيستحيل الأمر من حيث طلب الممتنع ، لا من حيث طلب الموجود الراجع إلى طلب الواجب ، وبينهما فرق لمن تدبّر. ( منه عفي عنه ).
(٣) وذلك في التعليقة : ١٧٣ عند قوله : ( وأما توهم انه يسقط ... ).