دخله في المستعمل فيه ، فواضح جدّا.
وأما وحدة المستعمل فيه ـ في الجمل الخبرية والانشائية ـ ففيه تفصيل :
أما الجمل المتحدة لفظا وهيئة ـ نحو ( بعت ) الاخباري والانشائي ـ فالمستعمل فيه نفس نسبة إيجاد المضمون إلى المتكلم. وهذه النسبة الايجادية الواقعة بين المضمون ـ أعني المادة ـ والمتكلم قد يقصد الحكاية عنها ، وقد لا يقصد الحكاية عنها ، بل يقصد ثبوتها على نحو سيأتي الكلام فيه إن شاء الله (١).
وأما مثل صيغة ( افعل ) ، واشباهها ـ مما لا اشتراك له لفظا وهيئة مع جملة خبرية ـ فالمستعمل فيه في كل من الخبر والانشاء ، غير المستعمل فيه الآخر ، وذلك لأن صيغة ( اضرب ) ـ مثلا ـ مفادها بعث المخاطب نحو الضرب ، لكن لا بما هو بعث ملحوظ بذاته ، بل بما هو نسبة بين المتكلم والمخاطب والمادة ، فكما أن الشخص إذا حرك غيره خارجا ـ نحو القيام أو القعود ـ تحريكا خارجيا ، لا يكون الملحوظ ـ في حال تحريكه ـ إلا المادة من المخاطب ، ونفس تحريكه غير ملحوظ ولا مقصود بالذات ، فكذلك صيغة ( افعل ) موضوعة بإزاء هذا البعث الغير الملحوظ استقلالا ، ولذا مثل هذه النسبة لا خارج لها يطابقها أو لا يطابقها ، بل حالها حال التحريك الخارجي الذي هو فعل من الأفعال ، وكونه نسبة بين الاطراف بملاحظة عدم لحاظ نفسه ، كما أسمعناك سابقا من أن بعض المعاني الاسمية ربما يكون كالآلة لتعرّف حال غيره ، فيكون كالمعنى الحرفي.
وأما في الجملة الخبرية المتضمنة لمضمون البعث والتحريك ـ كقولك : ( أبعثك نحو الضرب ، أو أحرّكك نحوه ) إذا اريد الإخبار ـ فمن الواضح أن مضمون الهيئة ليس نفس البعث حتى يقال : إنّ البعث معنى واحد ، والتفاوت
__________________
(١) وذلك في التعليقة ١٥٠ عند قوله : ( قلت : الفرق أنّ المتكلّم ... ).