أمّا في المرّة والتكرار : فلأنّ المراد بالمرّة أنّ وجودا واحدا من الطبيعة ـ أو دفعة واحدة منها ـ مطلوب ، ولازمه عقلا أنّ غيره من الوجودات أو الدفعات غير مطلوب بهذا الطلب ، والمراد بالإجزاء أنّ المأتيّ به في الخارج ـ واحدا كان أو دفعة واحدة ـ يفي بما اقتضاه الأمر ، وأين أحد الأمرين من الآخر؟! لترتّب الثاني على الأوّل ، لا أنه عينه. كما إن المراد بالتكرار مطلوبية وجودات أو دفعات بنفس الأمر ، والمراد من عدم الإجزاء عدم وفاء المأتيّ به بالمأمور به بحيث يسقطه ، فمطلوبية الإتيان ثانيا بنفس بقاء الأمر ، لا أنه مدلول الأمر. وعلى ما ذكرنا فلو كان ما يدّعيه القائل بالإجزاء وبعدمه من مداليل الأمر اللفظي أيضا ، لم يكن عين ما يقول به القائل بالمرة والتكرار.
وأما في تبعية القضاء للأداء : فلأن القائل بالتبعية يدّعي أنّ الفعل في وقته مطلوب ، وفي خارجه ـ أيضا ـ مطلوب بنحو التعدّد في المطلوب ، والأمر حينئذ يقتضي فعل ذات المأمور به في خارج الوقت على حدّ اقتضائه له فيه ، غاية الأمر أنّ فعله في الخارج مرتّب على عدمه في وقته ، والقائل بعدم الإجزاء يقول : بأن إتيان المأمور به لا يسقط القضاء ، وأين هذا من القول بمطلوبية القضاء بنفس الأمر؟!
بل لو قال القائل بعدم الإجزاء : بأن مقتضى الأمر بشيء عدم سقوط القضاء ـ أيضا ـ كان أجنبيا عن القول بالتبعية ؛ لأن غايته دلالة الأمر على عدم سقوط القضاء ، لا على مطلوبية القضاء على حدّ مطلوبية الأداء.
وهذا كلّه بناء على فرض الكلام في دلالة الأمر الاضطراري والظاهري على عدم سقوط القضاء بالإضافة إلى الأمر الواقعي ، وإلا فعدم العلاقة بين المسألتين أوضح من أن يخفى على ذي مسكة.
١٩٩ ـ قوله [ قدس سره ] : ( لكنه لا بملاكه ... الخ ) (١).
__________________
(١) الكفاية : ٨٢ / ١٥.