عرفت (١) ـ لا يقبل المدلولية للكلام بنفسه ؛ لأن المدلولية ليست إلا بحصوله في المدارك الإدراكية ، والوجود لا يقبل وجودا آخر ، سواء كان العارض من سنخ المعروض ، أم لا. فتدبّر.

فان قلت : ثبوت القيام لزيد في الخارج وانكشافه في الذهن مما لا شكّ فيه ، ولا ينبغي إسناد الريب فيه إلى أحد من أهل العلم ، لكنه غير النسبة الحكمية ، بل المراد منها : هي النسبة التي حكم بها النفس ، فوجد في مرحلة النفس حكم وإذعان بها غير انكشافها انكشافا تامّا مستقرّا ، وهذا هو الذي جعله بعض الأعلام المتقدم ذكره (٢) كلاما نفسيا ونطقت الاشاعرة بكونه غير العلم والارادة ، ومثل هذه النسبة الحكمية لو جعلت مدلولا للقضية الخبرية كان التزاما بالكلام النفسي جزما.

قلت : التحقيق كما نص به بعض الأكابر في رسالته المعمولة في التصوّر والتصديق (٣) : أن التصديق ليس مجرد انكشاف ثبوت القيام لزيد ، فانه تصور محض بداهة أن ثبوت القيام لزيد قابل للتصور ، وليس هو إلاّ انكشافه ، بل التصديق هو الانكشاف الملزوم لحكم النفس وإقرارها بثبوت القيام لزيد ؛ لما عرفت سابقا (٤) ، أن صورة ( هذا ذاك ) ـ ناظرا إلى الخارج ومنتزعا لهذه الصورة عن ذيها فيه ـ علم انفعاليّ من مقولة الكيف لانفعال النفس وتكيفها بالصورة المنتزعة عن الخارج ، ولكن نفس ( هذا ذاك ) عند النفس إقرار وحكم وتصديق

__________________

(١) في التعليقة : ١٤٦ عند قوله : ( وأمّا استحالة مدلوليته للكلام اللفظي ... ).

(٢) في اوائل هذه التعليقة بقوله : ( ولذا ذهب بعض الأعلام ... ) ، وهو المحقق الرشتي (رحمه الله) كما مرّ.

(٣) صدر المحققين (رحمه الله) ـ في رسالته المذكورة المطبوعة في ذيل الجوهر النضيد للعلاّمة الحلّي قدس‌سره : ٣١٥ فما بعدها.

(٤) وذلك في التعليقة : ١٤٦ عند قوله : ( أما أصل معقوليته ... ).

۴۲۶۱