واذعان من النفس ، وهذا علم فعلي ، وهو ضرب من الوجود النوري القائم بالنفس قياما صدوريا ، يكون نسبة النفس إليه بالتأثير والإيجاد ، ومنه مقولة الاعتقاد فإنّ عقد القلب على شيء غير اليقين ؛ قال تعالى : ( وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ )(١) ، فالإقرار والجحود النفسيان أمر معقول يشهد به الوجدان وإلاّ لزم الالتزام بإيمان الكفار الموقنين بالتوحيد والنبوة أو جعل الإيمان الذي هو أكمل كمالات النفس مجرد الإقرار باللسان.

وبالجملة فالنسبة الحكمية وإن كانت كما ذكر ، إلاّ أنّ مدلول الكلام مطلقا نفس الماهية والمعنى ، فكما أن مدلول القيام طبيعي القيام الموجود في الموطنين ، كذلك مدلول الجملة ـ بما هي جملة ـ ثبوت القيام لزيد ، وأن هذا ذاك.

وأما ان هذا المعنى المستفاد من الجملة هل هو مورد للتصور المحض ، أو للتصديق الملازم للاقرار به؟ فهو أمر آخر ، وعلى أيّ حال فلا ربط له بنفس الإقرار النفسي ، والكلام في النسبة المتعلق بها الإقرار ، لا في الإقرار الذي هو فعل من أفعال النفس. وما نقول بدلالة الجملة ـ عليه ـ بنفسها أو بضميمة أمر آخر ـ نفس النسبة ، وهي لها شئون : من كونها متصوّرة ، ومرادة ، ومتعلّقا لإقرار النفس بها. وما يجدي الأشعري ـ ويكون التزاما بالكلام النفسي ـ كون الحكم والإقرار المزبور مدلولا للجملة ، وقد عرفت استحالته (٢).

وأما توهم : أن النسبة المتصورة نسبة ناقصة لا يصح السكوت عليها ، وأن مدلول الجملة الخبرية هو الجزم بالنسبة ، أو التجزم بها فيما إذا كان المخبر شاكّا أو معتقدا لخلافها ، فتوجد النفس صفة علم وجزم بالنسبة ، ويخبر عنها.

فمدفوع : بأن ثبوت القيام لزيد ـ الذي هو مدلول الجملة ـ ليس هو هذا

__________________

(١) النمل ٢٧ : ١٤.

(٢) وذلك في التعليقة : ١٤٦ عند قوله : ( وأما استحالة مدلوليته للكلام اللفظي ... ).

۴۲۶۱