الماهيات فالبرهان قائم (١) على انحصارها في المقولات العشر ، فحاله حالها من حيث قبول الوجودين.
فحينئذ يقال : إن قيامه بالنفس إن كان بنفسه ـ كالصفات النفسانية من العلم والارادة وغيرهما ـ فهو من الكيفيات النفسانية ، والبرهان قائم ـ في محلّه ـ على ضبطها وحصرها ، ومدلولية أحدها للكلام اللفظي ـ كقولك : ( أعلم واريد ) على ثبوت العلم والإرادة ـ لا تجعلها كلاما نفسيا. وإن كان قيامه بالنفس قيامه بصورته قياما علميا ، فهو أمر مسلم بين الطرفين ، فهو من هذه الجهة داخل في مقولة العلم ، والمفروض غيره.
ومنه يظهر : أن قيام الكلام اللفظي بالنفس ـ قياما علميا ـ لا دخل له بالكلام النفسي ؛ لأن ماهية الكيف المسموع كماهية الكيف المبصر ـ في أن لها نحوين من الوجود ـ هذا إذا كان القائل بالكلام النفسي يدّعي أن سنخه سنخ الماهيات.
وإن كان يدعي أن سنخه سنخ الوجود ، فهو ـ على التحقيق المحقق عند أهله في محله ـ معقول ـ وإن لم يتفطّن له الأشعري ـ إلا أن مدلوليته للكلام اللفظي غير معقولة :
أما أصل معقوليته فالوجدان الصحيح شاهد على ذلك ، كما في إيقاع
__________________
(١) قولنا : ( فالبرهان قائم ... الخ ).
مع أن المقسم للنفس واللفظي حيث إنه طبيعة الكلام ـ وهو من الكيف المسموع ـ فلا قيام له بالنفس بنفسه ، بل قيامه علمي ، وإذا اريد من المقسم مدلول الكلام حيث إنه : تارة يوجد في النفس ، واخرى بوجود اللفظ ، فمن الواضح أن المداليل مختلفة : فتارة تكون من الامور التي توجد في افق النفس ، كالكيفيات النفسانية ، واخرى في خارج النفس كغيرها ، وعلى الأوّل ـ هو إحدى الكيفيات النفسانية التي لا كلام فيها ، وعلى الثاني ـ لا قيام له بالنفس إلا بقيام علمي. ( منه عفي عنه ).