الكلام اللفظي ـ مع كونه مؤلفا من أجزاء متدرجة متقضّية متصرّمة في الوجود ـ غير معقول ، ومن هنا تعرف أن الالتزام بمغايرة الطلب والإرادة ، أو الالتزام بأنّ مدلول الصيغة غير الإرادة ـ إذا لم يلزم منه ثبوت صفة اخرى في النفس ـ غير ضائر. وإن التفرد في أحد الأمرين لا يوجب الاستيحاش ولا موافقة الأشاعرة فيما دعاهم إلى دعوى المغايرة.
فنقول : إن كان النزاع في إمكان صفة اخرى أو فعل آخر في مرتبة النفس في قبال الإرادة فالحقّ إمكانه ، لكنه لا يكون كلاما نفسيا مدلولا عليه بالكلام اللفظي ، فالدعوى مركبة من أمرين : أحدهما ـ مجرد إمكان أمر آخر غير الإرادة وسائر الصفات المشهورة. ثانيهما ـ امتناع مدلوليته للكلام اللفظي.
أما الأول ـ فتحقيقه يتوقف على بيان وجه الامتناع على الاجمال : وهو أن الأجناس العالية للماهيّات الإمكانية ـ كما برهن عليه في محله ـ منحصرة في المقولات العشر ـ أعني مقولة الجوهر ، والمقولات العرضية التسع ـ والوجود الحقيقي ـ الذي حيثية ذاته حيثية طرد العدم ـ منحصر في العيني والذهني ، غاية الأمر أن طرد العدم في كل منهما بحسب حظه ونصيبه قوة وضعفا.
ومن الواضح أن ما يقبل كلا الوجودين هي الماهيات ؛ حيث إنها في حدود ذواتها لا تأبى عن الوجود والعدم. وأما الوجود الحقيقي فحيثية ذاته حيثية الإباء عن العدم ، فلا يقبل وجودا آخر ـ لا من سنخه ، ولا من غير سنخه ـ وهو بمكان من الوضوح.
فالقائل بالكلام النفسي إن كان يدعي : أن سنخه ـ إجمالا ـ سنخ
__________________
كما أن للموجودات التي هي مظاهر اسمائه وصفاته كلمات وجودية معربة عن حقائق أسمائه وصفاته تعالى. [ منه عفي عنه ].