ولكن نُسب إلى أبي الصلاح القول بالاستحباب (١) ، فكما لا يجب عليهما الصوم لا تجب الفدية أيضاً.

وهذا كما ترى مخالف لظاهر الأمر الوارد في الكتاب والسنّة حسبما تقدّم.

نعم ، ربّما يستدلّ له بما رواه الشيخ بإسناده عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء لضعفه ولا يمكنه الركوع والسجود «فقال : ليومئ برأسه إيماءً» إلى أن قال : قلت : فالصيام؟ «قال : إذا كان في ذلك الحدّ فقد وضع الله عنه ، فإن كانت له مقدرة فصدقة مدّ من طعام بدل كلّ يوم أحبّ إليّ ، وإن لم يكن له يسار ذلك فلا شي‌ء عليه» (٢).

نظراً إلى أنّ ظاهر التعبير بـ «أحبّ» هو الاستحباب ، وقد استدلّ بها في الجواهر أيضاً لسقوط الصيام عنه (٣).

وكيفما كان ، فالاستدلال المزبور لا بأس به لو لا أنّ السند ضعيف ، فإنّ الكرخي المعبّر عنه تارةً بإبراهيم الكرخي ، وأُخرى بإبراهيم بن أبي زياد ، وثالثةً بإبراهيم بن أبي زياد الكرخي مجهول لم يرد فيه أيّ توثيق أو مدح ، فكيف يمكن التعويل عليه في الخروج عن ظواهر النصوص؟! على أنّه لا يبعد القول بعدم التنافي بين قوله : «أحبّ» وبين الوجوب ، لأنّ ظهوره في الاستحباب ليس بتلك المرتبة ، لجواز أن يراد أنّ إطاعة الله أحبّ إليه من معصيته ، لا أنّ تركه جائز ، يعني : بعد أن لم يتمكّن من الصوم الواجب

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٨٢.

(٢) الوسائل ١٠ : ٢١٢ / أبواب من يصح منه الصوم ب ١٥ ح ١٠ ، التهذيب ٣ : ٣٠٧ / ٩٥١.

(٣) الجواهر ١٧ : ١٤٦.

۵۱۹