الثاني : العقل ، فلا يصحّ من المجنون (١) ولو أدواراً في دوره ، ولا من السكران وغيره من فاقدي العقل.


(١) لعدم الاعتبار بقصده بعد أن كان مرفوعاً عنه القلم ، ومن هنا كان عمده خطأ وديته على العاقلة ، فقصده في حكم العدم ، ولا عبادة إلّا مع القصد.

وقد ورد في النصّ : أنّ أوّل ما خلق الله العقل وأنّه تعالى خاطبه بقوله : بك أُثيب وبك أُعاقب ... إلخ (١) ، فالعقل إذن هو المناط في الثواب والعقاب ، والمدار في الطاعة والعصيان ، فلا أثر لعبادة المجنون.

وحديث رفع القلم وإن كان وارداً في الصبي أيضاً حتّى يحتلم ، إلّا أنّا استكشفنا مشروعيّة عباداته ممّا ورد من قوله عليه‌السلام : «مروا صبيانكم بالصلاة والصيام» (٢) ، بل في بعضها الأمر بضرب الصبي وتأديبه لو لم يصلّ لسبع (٣) ، وقد ذكرنا في الأُصول أنّ الأمر بالأمر بالشي‌ء أمر بذلك الشي‌ء (٤) ، فنفس العبادة الصادرة من الصبي متعلّق لأمر الشارع بمقتضى هذا الدليل ، غير أنّ الأمر استحبابي لا وجوبي ، ومن هنا كان المرفوع قلم الإلزام لا قلم التشريع ، وبذلك افترق عن المجنون ، لعدم ورود مثل هذا الدليل فيه ، ولأجله بنينا في محلّه على أنّ عبادات الصبي شرعيّة وليست بتمرينيّة ، فيصحّ الاعتكاف منه دون المجنون.

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٦٧.

(٢) الفقيه ١ : ١٨٢ / ٨٦١ ، الكافي ٣ : ٤٠٩ / ١.

(٣) لاحظ الوسائل ٤ : ٢٠ / أبواب أعداد الفرائض ب ٣ ح ٧.

(٤) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٧٦.

۵۱۹