المعنى الموضوع له بالاصالة ، وعما يناسبه بالتبع ، وحيث إن فعلية دلالته على الأصل لا مانع لها ، فلا محالة لا تصل النوبة إلى الدلالة على المعنى المجازي ، إلا بعد نصب القرينة المعاندة لإرادة المعنى الحقيقي ، فالقرينة المعاندة حيث إنها رافعة للمانع عن فعلية الدلالة على المعنى المجازي فهي موجبة لفعلية الدلالة عليه. فيصح ان يقال حينئذ : إن الوضع تعيين اللفظ للدلالة على المعنى بنفسه ، بخلاف المجاز ، فان التعيين فقط لا يكفي في فعلية دلالة اللفظ بنفسه ، بل فعلية الدلالة متوقفة على ضم الضميمة ، وإن كان ذات الدال هو اللفظ دائما ، فتدبّر.
٤٣ ـ قوله [ قدس سره ] : ( فلا يكون بحقيقة ولا مجاز ... الخ ) (١).
إن قلنا : بأن الاستعمال عين الوضع ـ كما هو ظاهر المتن ـ فحقيقة الاستعمال حقيقة الوضع.
أو قلنا : بأنّ الوضع يتحقق مقارنا للاستعمال من باب جعل الملزوم بجعل لازمه ، فلا مانع من كونه حقيقة ؛ لأن غاية ما يقتضيه الحقيقية عدم تأخر الوضع عن الاستعمال ـ لا تقدمه عليه زمانا ـ فيكفي مقارنة الوضع مع الاستعمال زمانا ، فضلا عن عينيته له ؛ حيث لا تقدّم للاستعمال ـ حينئذ ـ ولو بالعلية ، فتدبّر.
٤٤ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( فأيّ علاقة بين الصلاة والدعاء (٢) ... الخ ) (٣).
هذا بناء على ما هو المعروف من كونها بمعنى الدعاء لغة يصح جدلا وإلزاما. (٤)
وأما على ما هو الظاهر بالتتبّع في موارد استعمالاتها من كونها بمعنى
__________________
(١) الكفاية : ٢١ / ٩.
(٢) في الكفاية ـ تحقيق مؤسستنا ـ : بين الصلاة شرعا والصلاة بمعنى الدعاء ..
(٣) الكفاية : ٢١ / ١٥.
(٤) هذا المطلب الشريف من تحقيقات أفضل المتأخّرين الشيخ الهادي الطهراني ـ قدّس الله نفسه الزكية ـ كما في هامش نسخة ( ق ).