فواضح ، وأما إلى الانسان فلما سمعت من تقرر حصة منه في مرتبة ذات زيد ، وليس ملاك الحمل الشائع إلا كون النظر في الحمل إلى الاتحاد في الوجود. هذا كله فيما إذا كان المحمول والمحمول عليه من قبيل الكلي والفرد.
وأما إذا كانا كليين متساويين ، أو أعمّ [ و ] (١) أخصّ ، فلا يثبت الحقيقية والمجازية مطلقا ـ ولو في الجملة ـ بمجرد الحمل والتساوي في الصدق أو الأعمّية والأخصّية ؛ لما عرفت أن كون الحمل علامة ليس لمجرّد الحمل ، بل لأن الحمل : تارة بحسب نفس المفهوم والذات ، فاتحادهما دليل قطعي على الحقيقية ، كما أن عدمه دليل قطعي على المجازية ؛ إذ الشيء لا يسلب عن نفسه. واخرى بحسب اتحاد المعنى الموجود بوجود زيد ، مع ما لمحموله من المعنى. ومثل هذين الأمرين لا يجري في الكليين المتساويين ، والأعمّ والأخصّ ، ففي قولنا : ( الناطق ضاحك ، والناطق حيوان ) لا اتّحاد مفهومي ؛ كي يكون الحمل ذاتيا ، كما أنه ليس وجود الناطق ـ بما هو وجود الناطق ـ وجودا للضاحك كزيد وإنسان ، بل متصادقان في وجود واحد. والفرق : أن زيدا لا وجود له إلا وجود الانسان متشخّصا بالمشخصات ، فيعلم منه : أن المعنى الموجود بوجود زيد معنى الانسان ، بخلاف الذاتيات ـ كالناطق والحيوان مثلا ـ فإنّ مبدأ الفصل غير مبدأ الجنس وإن كان التركيب بينهما اتحاديا على التحقيق. ولذا لا إشكال عند المحققين : أن حمل ذاتي على ذاتي أو على ذي الذاتي ، حمل شائع ، لا ذاتي ، فلا محالة ليس وجود الناطق ـ بما هو وجود الناطق ـ وجود الحيوان.
نعم ، يستثنى من الأعم والأخص حمل الجنس على نوعه ، فإنه كالكلي على فرده ، إذا كان النظر إلى المعنى الموجود في ضمن النوع. كما يستثنى من المتساويين في الصدق حمل الفصل على نوعه ، إذا كان النظر إلى المعنى المميز لهذا النوع من غيره.
__________________
(١) في الأصل : ( أعمّ أو أخص ).