ذهني آخر ، بل ذاته وحقيقته متقوّمة بمتعلّقه ، لا موجود لمتعلّقه.
٢٢ ـ قوله [ قدس سره ] : ( ما دلّ على معنى في غيره ... الخ ) (١).
أي على معنى هو في حدّ ذاته في غيره ، لا أنه موجود في غيره ، فإنّ النسبة في حدّ ذاتها متقومة بغيرها ، لا في وجودها ، كالعرض في الجوهر ، فلا دلالة لهذه العبارة المعروفة على كون المعنى الحرفي ـ بحسب وجوده الذهني ـ موجودا قائما بموجود آخر ، كالعرض في الجوهر خارجا.
وأما جعله آلة وحالة في غيره فبملاحظة أن وقوع السير مبتدأ به ، والبصرة مبتدأ من عندها ؛ بلحاظه مضافا إلى البصرة ، فالإضافة المزبورة آلة لتعرف حال السير والبصرة من حيث المبتدئية بالمعنيين ، وحيث إن نفس الإضافة متقومة بهما ، فهي حالة للغير.
وبهذين الوجهين تارة يقال : إن الحرف ما أوجد معنى في غيره ، فإنه بلحاظ الآلية المزبورة. واخرى يقال : ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل ، فانه باعتبار كون اللفظ بالوضع حاكيا عن الإضافة المزبورة. فلا تنافي بين الكلامين المنسوبين إلى الرواية ، كما لا موجب لجعلهما بلحاظ موردين من موارد استعمالهما.
٢٣ ـ قوله [ قدس سره ] : ( الفرق بينهما إنما هو في اختصاص كل منهما بوضع ... الخ ) (٢).
محصله : أن العلقة الوضعية ـ في كل منهما ـ على نهج خاص ؛ لتقيدها في أحدهما بما ذا أريد منه المعنى استقلاليا ، وفي الآخر بما ذا أريد آليّا. فاستعمال الأول في مورد الثاني استعمال في ما لا علقة وضعية له.
لكنه لا يذهب عليك أن لحاظ المعنى وإرادته من شئون المعنى وأحواله ،
__________________
(١) الكفاية : ١١ / ١٠.
(٢) الكفاية : ١٢ / ٩.