مدفوع : بأن الأمر الانتزاعي مما يحمل العنوان المأخوذ منه على منشئه ، والحال أن الاختصاص والارتباط بنحو الاشتقاق لا يحملان على صيغة ( وضعت ) ، كما لا يحمل الملك بالمعنى الفاعلي أو المفعولي على صيغة ( بعت ) ، بل اللفظ هو المختص بالمعنى ، وأحدهما مربوط بالآخر ، كما أن الملك بالمعنى الفاعلي يحمل على المالك ، وبالمعنى المفعولي يحمل على المملوك ، فلا وجه لدعوى : أن الانشاء في الملك وفي الوضع وغيرهما منشأ الانتزاع.

ومما يشهد لما ذكرنا ـ من عدم كون الاختصاص معنى مقوليا ـ أن المقولات امور واقعية لا تختلف باختلاف الأنظار ، ولا تتفاوت بتفاوت الاعتبار ، ومع أنه لا يرتاب أحد في أن طائفة يرون الارتباط بين لفظ خاصّ ومعنى مخصوص ، ولا يرونه بينهما طائفة اخرى ، بل يرونه بين لفظ آخر وذلك المعنى.

ومما يؤكد ذلك أيضا : أن المقولات الحقيقة أجناس عالية للماهيات ، ولا تصدق المقولة صدقا خارجيا إلا إذا تحققت تلك الماهية في الخارج. وقد عرفت : أن وجود معنى مقولي في الخارج لا يكون إلا إذا كان له مطابق فيه ، أو كان (١) حيثية وجودية لما كان له مطابق فيه ، ويسمى بالأمر الانتزاعي ، ومن الواضح أن مفهوم الاختصاص ـ بعد عمل الواضع ـ لم يوجد له مطابق في الخارج ، ولم يختلف اللفظ والمعنى حالهما ، بل هما على ما كانا عليه من الذاتيات والأعراض ، وما لم ينضمّ إلى اللفظ ـ مثلا ـ حيثية عينية لا يعقل الحكم بوجود الاختصاص فيه وقيامه عينا به قيام العرض بموضوعه.

فان قلت : لا ريب في صدق حدّ مقولة الاضافة على الملكية (٢)

__________________

(١) في الأصل : ( أو كانت ... ) والصحيح ما أثبتناه.

(٢) هذا اعتبار الملكية بالمعنى الفاعلي والمفعولي ، وأما نفس المبدأ فقد أوضحنا حاله في مبحث الأحكام الوضعية من الاستصحاب من الجزء الثاني من الكتاب. ( منه عفي عنه ).

۴۲۶۱