وأما إذا كان المصلحة في البدل والمبدل واحدة ، وكان التفاوت بالضعف والشدة ، فلا تكاد تكون بقية المصلحة ملاكا للبعث إلى المبدل بتمامه ؛ إذ المفروض حصول طبيعة المصلحة القائمة بالجامع الموجود بوجود البدل ، فتسقط عن الاقتضاء ، والشدة ـ بما هي ـ لا يعقل أن تكون ملاكا للأمر بالمبدل بكماله ؛ حيث إنّ المفروض أن تمام الملاك للأمر بتمام المبدل هي المصلحة الكاملة القوية ، وطبيعتها وجدت في الخارج ، وسقطت عن الاقتضاء ، فلو كان ـ مع هذا ـ حدّ الطبيعة القوية مقتضيا للأمر بتمام المبدل ، لزم الخلف.
نعم اقتضاؤه لتحصيل الخصوصية القائمة بالمبدل معقول ؛ نظرا إلى أنّ اشتراك المبدل والبدل في جامع الملاك ، يكشف عن جامع بينهما ، لكنه لا يجدي إلاّ مع الالتزام بالأمر بالجامع أيضا ـ في ضمن المبدل ـ تحصيلا للخصوصية التي لها ملاك ملزم ، فيكون الأمر بالمبدل مقدّميا ، وهو مما لا ينبغي الالتزام به.
ومنه تعرف : أن الالتزام بمصلحتين في المبدل ـ أيضا ـ لا يجدي إذا كانت إحداهما قائمة بالجامع ، والاخرى بالخصوصية ، بل لا بدّ من الالتزام بقيام مصلحتين إحداهما بالجامع فقط ، واخرى بالجامع المتخصّص بالخصوصية.
٢٠٤ ـ قوله [ قدس سره ] : ( لما فيه من نقض الغرض وتفويت مقدار من المصلحة ... الخ ) (١).
لا يذهب عليك أن المأمور به الاضطراري في أوّل الوقت والمأمور به الاختياري في آخره ـ بناء على هذا الفرض ـ متضادّان في تحصيل تمام الغرض ، وليس بين المتضادّين وجودا إلاّ المعاندة ، ولا مقدّمية لعدم أحدهما بالإضافة إلى وجود الآخر ، فلا وجه لنسبة نقض الغرض وتفويت مقدار من المصلحة إلى المأمور به الاضطراري.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٨٤ / ١٥.