١٩١ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( ضرورة أن تركهما لو كان مستتبعا للغضب والشرّ ... الخ ) (١).

لا يخفى عليك : أنّ الوقوع (٢) في ما يقابل المغفرة والخير ـ أعني الغضب والشر ـ لازم ترك تحصيل المغفرة والخير رأسا ، لا ترك المسارعة والاستباق إليهما ولو بناء على وجوبهما ، كما هو قضية المقابلة بين الغضب والمغفرة وبين الخيرات والشرور. فدلالة الآيتين على وجوب المسارعة والاستباق غير موقوفة على اقتضاء تركهما للغضب والشر المقابلين للمغفرة والخير حتى يقال : بأن الأنسب حينئذ البعث بالتحذير عنهما.

والأولى أن يقال : إن ترك المغفرة أعمّ مما يستلزم الغضب ، وكذا ترك الخير أعمّ مما يستلزم الشرّ ، فالأمر بالمسارعة والاستباق إلى مثل هذين الأمرين أولى بعدم الدلالة على الوجوب ، ولعلّه (قدس سره) أشار إليه بقوله : ( فافهم ) (٣).

__________________

(١) الكفاية : ٨٠ / ٨.

(٢) قولنا : ( لا يخفى عليك أن الوقوع .. الخ ).

توضيحه : أن الاستباق والمسارعة : تارة يكون قيدا مقوما لمصلحة المغفرة والخير ، واخرى يكون واجدا لمصلحة اخرى ، كما أنّ الوقت بالإضافة إلى الموقّت كذلك ، فان كان من قبيل الأوّل فترك المسارعة والاستباق يوجب الوقوع في الغضب والشر ، وإن كان من قبيل الثاني فلا ، والوجه فيهما واضح ، ومبنى إيراد المصنّف ـ قدس سره ـ على الأول ، ومبنى الاعتراض عليه هو الثاني. والغرض أنه مع إمكان أن يكون المسارعة والاستباق على النحو الثاني ، فلا يلازم تركهما الوقوع في الغضب والشر ولو مع وجوبهما ، بل الظاهر أنه من قبيل الثاني ، فإنّ المسارعة والاستباق نسبا إلى المغفرة والخير ، فهما غير المغفرة والخير ، لا أنهما مقوّمان له ، وأما أصل الاستدلال فمندفع بما في الحاشية في قولنا : ( والأولى أن يقال .. الخ ) فتدبّر. ( منه عفي عنه ).

(٣) الكفاية : ص ٨٠ / س ١٠.

۴۲۶۱