وكلّ ما كان قابلا للجعل والوضع ، فهو قابل للنفي والرفع ، وان لم يكن مصحّحا للعقوبة ، أو موجبا لتقييد الأمر النفسي.
١٨٠ ـ قوله [ قدس سره ] : ( فافهم ... الخ ) (١).
يمكن أن يكون إشارة إلى أن اختصاص الأمر الفعلي بما عدا المشكوك مشترك بين المقامين ، غاية الأمر أنه هنا بحكم العقل ، وهناك بضميمة الأصل. فإن اكتفينا في الخروج عن العهدة بمجرّد إتيان المتعلّق ، كان المقامان على حدّ سواء. وإن قلنا : بلزوم إتيان كلّ ما يحتمل دخله في الغرض في الخروج عن
__________________
فإن قلت : على هذا لا يجدي حديث الرفع لرفع الشرطية في باب التكاليف أيضا ، فإن مقتضاه عدم تعلق التكليف بالخاص بما هو خاص ، وهو لا يجدي في تعلّقه بذات الخاص إلا بالملازمة العقلية ، والمفروض إهمال دليل الواجب من حيث كونه الخاص بما هو خاص أو ذاته.
قلت : الخصوصية على قسمين : أحدهما ـ ما يكون مقوما للواجب فالواجب أمر خاص ، وما يقوم به الغرض ذاتا كذلك والمراد بالذات كذلك ، وحاله حينئذ حال الاعتبارات في باب العقود والإيقاعات والأسباب.
ثانيهما ـ ما يكون دخيلا في فعلية الغرض من الواجب وهو الذي يستحق إطلاق الشرط عليه ، وقد مرّ مرارا : أنّ مثله لا يعقل أن يكون مقوّما للمراد بالإرادة النفسية المنبعث منها الإيجاب النفسي ، فإن الإرادة تتعلق بما يفي بالغرض ، وأمّا ما له دخل في فعليته ، فهو متعلّق لغرض تبعيّ مقدّمي فينبعث من هذا الغرض التبعيّ إرادة تبعية ينبعث منها وجوب غيري ، وعليه فتعلّق الوجوب النفسي بذات المشروط مقطوع به ، وإنّما المشكوك وجوب شيء آخر تبعا لدخله في فعلية الغرض ؛ وأما أخذه في متعلّق الأمر النفسي مع فرض شرطيته حقيقة ، فليس إلاّ لأجل تقييد الواجب النفسي به خطابا لتقيّده به واقعا من حيث الغرض ، فالواجب النفسي متقيّد به ، لا أن المتقيّد به واجب نفسي. وتمام الكلام في محله.
ومنه يتضح : أنّ حديث الرفع لمثل ما نحن فيه أعني شرائط الواجب صحيح نافع ، غاية الأمر أن قصد القربة لا شرطية له ، وأما إيجابه للغير استقلالا فهو معقول ، وشمول حديث الرفع للتكليف المجعول المجعول الموافق للامتنان ، لا مانع منه أصلا. [ منه قدس سره ].
(١) الكفاية : ٧٦ / ١٣.