رسائل شيخنا العلاّمة الانصاري ـ قدس سره ـ.

بيانه : أن اتصاف الصلاة المأتيّ بها خارجا بكونها واجبة ـ مثلا ـ موقوف على إتيانها بداعي وجوبها ، وإلاّ لم يكن مطابقا للواجب ، ويتوقّف قصد امتثالها بداعي وجوبها على كونها واجبة حتّى يتمكّن من قصد امتثالها بداعي وجوبها فيدور.

إلا أن التحقيق في الإشكال ما ذكرناه في الحاشية السابقة ، مع أن الفعل المأتيّ به في الخارج لا يتّصف بكونه واجبا ـ كيف؟! وهو يسقط الوجوب ـ بل الفعل بمجرّد تعلّق الوجوب به يتصف بأنه واجب.

مضافا إلى أنّ الداعي لسبقه على العمل لا يتوقّف على اتصافه ـ بعد إتيانه ـ بالوجوب كي يدور ، بل قبل إتيانه يتعلق الأمر به ، فلا دور حينئذ لتغاير الموقوف والموقوف عليه.

وأما إرجاعه إلى وجه آخر وهو : أن الأمر المأخوذ (١) في الصلاة كمتعلّقات موضوعات الأحكام لا بدّ من تحقّقها في فعلية الأحكام ، فلا يكون التكليف بشرب الماء فعليا إلاّ مع وجود الماء خارجا ، فما لم يكن أمر لا معنى للأمر بإتيان الصلاة بداعي الأمر ؛ لأنه ـ على الفرض ـ شرط فعليته ، فيلزم الدور في مقام الفعلية فهو مدفوع بما قدمناه في الحاشية المتقدمة : من أن الأمر

__________________

(١) بل بهذا البيان يدّعى ورود محذور الدور في مقام الجعل ايضا ؛ لأن المأمور به هو الفعل بداعي الأمر ، فلا بدّ من فرض وجود شخص الأمر في مقام الجعل ، فيلزم وجود شخص الأمر قبل وجوده.

ويندفع : بأن اللازم ـ في مقام الحكم بشيء ـ إذا كان معلقا على شيء فرض وجوده فرضا مطابقا للواقع ، إلاّ أنّ فرض وجوده هكذا لا يستلزم وجوده فعلا ، بل يمكن فرض وجوده الاستقبالي أيضا ، ونتيجة فرض وجود شخص الأمر ليس وجود الشيء قبل وجوده ، بل وجوده التقديري قبل وجوده الحقيقي ، وهذا غير وجود الشيء قبل وجوده ليلزم تقدم الشيء على نفسه. ( منه عفي عنه ).

۴۲۶۱