لا يتوقف ثبوته على ثبوتها ، بل ثبوتها بثبوته كثبوت الجنس بفصله والنوع بالتشخص ؛ إذ من الواضح أنّ الحكم لا يتوقّف على وجود موضوعه خارجا ، كيف؟! ووجوده خارجا يسقط الحكم ، فكيف يعرضه؟ كما لا يتوقف على وجوده ذهنا ؛ بداهة أن الفعل بذاته مطلوب ، لا بوجوده الذهني ، بل الفعل يكون معروضا للشوق النفساني في مرتبة ثبوت الشوق ؛ حيث إنه لا يتشخّص إلاّ بمتعلّقه ، كما في المعلوم بالذات بالنسبة إلى العلم ، فما هو لازم توقّف العارض على معروضه هذا النحو من الثبوت ، بل المانع من تقويم الحكم لموضوعه ، وتقوّم موضوعه به أو بما ينشأ من قبل حكمه أن الحكم متأخّر طبعا عن موضوعه ، فلو اخذ فيه لزم تقدّم المتأخّر بالطبع ، وملاك التقدّم والتأخّر الطبعيين أن لا يمكن للمتأخّر ثبوت إلا وللمتقدم ثبوت ولا عكس ، كما في الاثنين بالنسبة إلى الواحد ، ونسبة الإرادة إلى ذات المراد كذلك ؛ إذ لا يمكن ثبوت للإرادة إلاّ وذات المراد ثابت في مرتبة ثبوت الإرادة ولا عكس ؛ لإمكان ثبوت ذات المراد تقرّرا وذهنا وخارجا بلا ثبوت الإرادة ، ولا منافاة بين التقدّم والتأخّر بالطبع والمعيّة في الوجود ، كما لا يخفى.
ومما ذكرنا يظهر بالتأمل : عدم الفرق بين الأمر بالصلاة بداعي شخص الأمر المتعلّق بها ، أو بداعي الأمر الحقيقي بنحو القضية الطبيعية ؛ بمعنى عدم النظر إلى شخص الأمر ـ لا بمعنى آخر ـ فإنّ شخص هذا الأمر ما لم يسر إلى الصلاة لا يكون المقيّد بداعي الأمر موضوعا للحكم ، وسرايته إلى المقيّد من قبل نفسه واقعا محال ، وإن لم يكن ملحوظا في نظر الحاكم.
ومما بيّنّا في وجه الاستحالة يتبين : أن توهّم كفاية تصوّر المقيّد بداعي الأمر الشخصي ـ مثلا ـ في الموضوعية للحكم أجنبيّ عن مورد الإشكال ، وكأنه مبنيّ على توهّم الإشكال من حيث توقف الحكم على ثبوت الموضوع ، فاجيب بأنّ ثبوته في التصوّر كاف. فتدبّر جيّدا.
ولا يخفى عليك : أنّ إشكال التقدّم والتأخّر الطبعي أيضا قابل للدفع عند