ولعل المراد بالأكملية المحكية عن بعض المحققين (١) هذا المعنى.
كما حكي عنه : أن الانصراف الموجب لتبادر الوجوب من الصيغة انصراف حقيقة الطلب ولبّه لا انصراف الصيغة ، فالمراد بالانصراف ليس معناه المصطلح ، بل مطلق ما يوجب تعين بعض المحتملات في مقام البيان.
إلاّ أن الإنصاف أن هذا التقريب دقيق ، ومثله غير قابل للاتكال عليه عند التحقيق ، فهو نظير إطلاق الوجود وإرادة الواجب ؛ نظرا إلى أنه صرف الوجود الذي لا يشوبه العدم ، فكما لا يمكن الاتكال عليه في المحاورات العرفية ، فكذلك فيما نحن فيه ولعله ـ دام ظلّه ـ أشار إليه بقوله : ( فافهم ) (٢).
__________________
عدم المنع من الترك فانه يكفيه عدم التنبيه على المنع.
وأما على الخامس : فبالعكس ؛ لأن الرخصة في الترك وجودي ، ينبغي التنبيه عليه ، ويكفي في عدمها عدم التنبيه عليها.
وأما على السادس : فتقريب مقدّمات الحكمة على نحو الأول والثاني ؛ لأن البعث الأكيد لا يزيد اعتباره على اعتبار أمر وراء حقيقة البعث ، بخلاف البعث الغير الأكيد ، فإن اعتباره اعتبار أمر ما وراء حقيقة البعث مع البعث ، فيجب التنبيه عليه ، لكنك قد عرفت أن هذا التقريب غريب عن أنظار العرف.
والتحقيق : أن تعيين الوجوب بمحض خلوص الإرادة والبعث وإن كان دقيقا إلاّ أن تعيينه بملاحظة أنه مرتبة يلزمها عدم الرضا بتركه ، وعدم الرخصة في تركه ، فليس دقيقا لا يلتفت إليه العامة ، وهو كاف في تعيين الوجوب ، ولا يرد الإشكال بعدم المرجّح للترخيص ، وعدمه المعين للوجوب على المنع ، وعدمه المعين للاستحباب ؛ لأنّ مجرّد المنع عن الترك لا يقتضي الوجوب ؛ لأن المنع أيضا تارة لزومي ، واخرى غير لزومي فلا بدّ من تحديده أيضا بما لا يرخص في خلافه ، فاللازم الذي يعيّن الاستحباب والوجوب أخيرا هو الترخيص في الترك وعدمه. فتدبر جيدا. ( منه عفي عنه ).
(١) هداية المسترشدين : ١٤٣.
(٢) الكفاية : ٧٢.