وبالجملة : الأصل في الأفعال حملها على الجد حتى يظهر خلافه ، وكثرة الصدور عن غير الجد لا يوجب سدّ باب الأصل المزبور. فتدبر.

١٥٨ ـ قوله [ قدس سره ] : ( لا لإظهار ثبوتها حقيقة بل لأمر آخر ... الخ ) (١).

لا يخفى عليك أن المحال في حقّه ـ تعالى ـ ثبوتها لا إظهار (٢) ثبوتها ، والأغراض المترتّبة على إنشاءاتها بلحاظ كشفها عن ثبوتها ، لا بلحاظ نفس وجوداتها الإنشائية ، فإنّ إيجاد المفهوم بوجوده الجعلي العرضي اللفظي ـ مع قطع النظر عن كشفه عما هو استفهام ، أو تمنّ أو ترجّ بالحمل الشائع ـ لا يترتّب عليه إظهار المحبّة وغيرها من الأغراض.

فالإنصاف أن كيفية الاستعمال والدلالة على الجدّ في ما وقع في كلامه ـ تعالى ـ على حدّ ما في كلام غيره ، إلا أنه فيه ـ تعالى ـ لإظهار المحبّة مثلا ، فهو يظهر المحبة والاستيناس بإظهاره الاستفهام الحقيقي بقوله تعالى : ( وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى )(٣) ، كما أنه ـ تعالى ـ يشجعه ـ عليه السلام ـ على دعوة فرعون بإظهاره الترجّي الحقيقي بقوله تعالى : ( لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى )(٤). فافهم.

١٥٩ ـ قوله [ قدّس سرّه ] : ( في أن الصيغة حقيقة في

__________________

(١) الكفاية : ٧٠ / ٦٠.

(٢) والغرض من إظهار ثبوت تلك الصفات ، ايراد كلام له ظهور بحسب مقام المحاورة في ثبوت هذه الصفات ، وإن لم يقصد الحكاية عن ثبوتها ، بل قصد بإيراده إظهار اللطف والمحبة ؛ لئلا يلزم من قصد الحكاية عن ثبوتها الكذب. فتدبر ( منه عفي عنه ).

(٣) سورة طه ٢٠ : ١٧.

(٤) سورة طه ٢٠ : ٤٤.

۴۲۶۱