فراجع.
وثانيهما ـ المثوبة والعقوبة من مثيب ومعاقب خارجي ، وهذه المثوبة والعقوبة هما اللذان ورد بهما (١) ظاهر التنزيل ، فقصرهما على الأوّل خلاف ظواهر الكتاب والسنة ، وتصحيحهما بعد صحّة التكليف بذلك المقدار من الاختيار في غاية السهولة ؛ إذ كما أنّ المولى العرفي له مؤاخذة عبده إذا أمره فخالفه ، كذلك مولى الموالي ؛ إذ لو كان الفعل بمجرّد استناده إلى الواجب ـ تعالى ـ غير اختياري وغير مصحّح للمؤاخذة ، لما صحت مؤاخذة المولى العرفي أيضا.
وإذا كان الفعل في حدّ ذاته قابلا للمؤاخذة عليه فكون المؤاخذ ممن انتهت إليه سلسلة الإرادة والاختيار ، لا يوجب انقلاب الفعل عما هو عليه من القابلية للمؤاخذة ممن خولف أمره ونهيه.
والتحقيق : أن الإشكال إن كان في استحقاق العقاب على مثل هذا الفعل المنتهى إلى ما لا بالاختيار ، فالجواب عنه ـ بترتّب العقاب من باب الملازمة بينه وبين المعصية ، وأنها كالمادة للصورة المنافرة في الآخرة ـ أجنبي عن مبنى الاشكال بل المناسب لهذا المبنى هو الوجه الثاني.
وإن كان الإشكال في فعلية إجراء العقاب ولو مع ثبوت الاستحقاق واختيارية الفعل حقيقة من حيث استحالة التشفّي ، فالجواب ـ بأن العقاب من لوازم الأفعال ـ صحيح دافع لمحذور استحالة التشفّي ، لكنه غير مناسب للكلام في اختيارية الفعل ، والإشكال في العقوبة من أجلها ، ولا لترتّب العقاب على الاستحقاق ، فإنّ مبنى الملازمة غير مبنى الاستحقاق ، بحكم العقلاء.
بل الجواب عنه ـ بناء على المبنى المزبور ـ ما سيأتي (٢) إن شاء الله تعالى.
__________________
لدينا من كتب التفسير والحديث.
(١) في الأصل : هو الذي ورد به.
(٢) نفس هذه التعليقة عند قوله : فالتحقيق أن مصلحة التخويف العام ...