كن ، فيكون ، لا بصوت يقرع ، ولا بنداء يسمع ، وإنما كلامه فعله » (١) إلى آخره.
وسر التعبير عن أنحاء الوجودات بالكلمات : هو أن الكلام ما يعرب عن ما في الضمير ، وهذه الموجودات معربة عما في الغيب المكنون ، فظهر أن فعله ـ تعالى ـ أمره باعتبار دلالته على تعلّق إرادته به.
وكذا في جميع موارد إنزال العذاب ؛ حيث عبّر عنه بقوله تعالى : ( جاءَ أَمْرُنا ) (٢) في غير مورد ، فانه بلحاظ دلالته على تحتّمه وتعلّق الإرادة التكوينية به. فافهم.
١٤٣ ـ قوله [ قدس سره ] : ( كما لا يبعد أن يكون كذلك في المعنى الأول ... الخ ) (٣).
مع أنه (قدس سره) لم يستعبد أوّلا كونه حقيقة في الطلب والشيء.
والتحقيق ـ بعد الاعتراف بالاستعمال في ما عدا الطلب ـ : أنه لا بدّ من الالتزام بالاشتراك اللفظي ، دون المعنوي أو الحقيقة والمجاز ؛ لأنّ القابل للوضع والاستعمال بلا اشتباه ـ مما عدا الطلب ـ هو الفعل والشيء ، دون بقية المعاني المبنية على ضرب من الاشتباه والاختلاط.
ومن الواضح أن اللفظ لو كان حقيقة في أحد المعنيين ـ من الطلب وغيره ـ وكان في الآخر مجازا ـ لما اختلف جمع الأمر بأحد المعنيين ـ مع جمعه بمعنى آخر ، كما هو المشاهد في سائر الحقائق والمجازات ، مع أن جمع الأمر ـ بمعنى الطلب ـ على الأوامر ، وجمعه بمعنى آخر على الامور ، وهكذا الأمر لو كان الأمر
__________________
(١) نهج البلاغة ـ شرح صبحي صالح ، ـ دار الكتاب اللبناني ـ : ٢٧٤ / خطبه : ١٨٦.
من خطبة لإمامنا علي ـ عليه السلام ـ في التوحيد ، ولكن في النهج هكذا : ( يقول لمن أراد ... وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ).
(٢) هود ١١ : ٤٠ ، ٥٨ ، ٦٦ ، ٨٢ ، ٩٤ ، المؤمنون ٢٣ : ٢٧.
(٣) الكفاية : ٦٣ / ١.