يجري فيه ما ذكرنا من تعلّق الأمر به حقيقة من طريق الغرض ، وإن كان بلحاظ الوضع لعنوان المطلوب كذلك.
وبالجملة : كون النسبة اتحادية أو بنحو السببية والمسببية ، لا دخل له بلزوم الاحتياط وعدمه ، بل الملاك أنّ ما هو مأمور به بالحمل الشائع : إذا كان مجملا ينحلّ إلى معلوم ومشكوك ، فهو محل الخلاف من حيث البراءة والاحتياط. وإذا كان مبيّنا كان الاحتياط معيّنا ، [ و ] كان الاجمال في سببه ومحققه ، أو في مطابقه ومصداقه ؛ حيث إنّ المأمور به لا ينحلّ إلى معلوم يتنجز ، ومشكوك يجري فيه البراءة.
وعليه فإن كان مسمّى لفظ الصلاة عنوان ( الناهي عن الفحشاء ) ـ كما هو الظاهر ممن يأخذ الجامع عنوانا بسيطا منتزعا عن الأفعال الصلاتية ـ فلا مناص عن الاحتياط ؛ لأنّ المسمّى عنوان مبيّن وقع في حيّز الأمر ؛ لمكان القدرة على إيجاده بالقدرة على ايجاد معنونه ، ولا ينحلّ إلى معلوم ومجهول ، وانحلال مطابقه إلى معلوم ومجهول أجنبي عن انحلال متعلّق التكليف.
وإن كان المسمّى ما هو بالحمل الشائع ناه عن الفحشاء ـ على الوجه الذي أشكلنا عليه ـ أو قلنا بالوضع للعنوان ، لكنه لوحظ في مقام التكليف فانيا في معنونه ، فما هو مأمور به بالحمل الشائع إن كان الناهي فعلا ، فهو غير قابل للانحلال بلحاظ حيثيّة الانتهاء عن الفحشاء ، وإن كان الناهي اقتضاء فكل مرتبة ناهية كذلك ، فمرجع الشك إلى أن المقتضي بتلك المرتبة مطلوب أم لا ، مع القطع بمطلوبية المقتضي بمرتبة الأقل.
نعم إن كان الانتهاء عن الفحشاء فعلا ذا مراتب ـ كما هو كذلك قطعا ـ أمكن الانحلال ؛ نظرا إلى أنّ هذه المرتبة من الانتهاء عن الفحشاء متحققة بالأقلّ ، وإنما الشك في مطلوبية مرتبة اخرى لا تتحقق إلا بإتيان الأكثر ، فافهم وتدبّر.