متمحّض في الصحيح ؛ لإمكان اتصافه بالفساد بحسب صدوره ممن كان مكلفا بغيره ، كالمرتبة العليا من الصلاة ، فإنها لا تصح في غير حالة من الأحوال ، وما كان حاله كذلك لا يكون جامعا للمراتب الصحيحة.
ثانيهما ـ أن المراتب متداخلة صحة وفسادا ، فلا يعقل أن يؤخذ منها جامع تركيبي لخصوص مراتب الصحيحة ، فما فرض جامعا لمراتب الصحيحة لم يكن بجامع. هذا ، إلا أنّ تعقّل الجامع التركيبي بين تمام المراتب ـ مع قطع النظر عن الاشكال ـ مشكل ، فهو أولى بالايراد.
وربما يتخيل : أنه لا زيادة ، ولا نقص في مراتب الصلاة من حيث الأجزاء ، بل الصلاة موضوعة لحد خاص ، وإنما التفاوت نشأ : اما من قيام حيثيات متعددة ـ هي من أجزاء الصلاة ـ بفعل واحد ، وربما تقوم كل حيثية بفعل آخر. وإما من قيام حيثية واحدة بأفعال متعددة ، وربما تقوم بفعل واحد غيرها ، فتلك الحيثيات ـ المجتمعة في واحد ، والمتفرقة في المتعدد ـ هي المقوّمة لحقيقة الصلاة ، وهي لا تزيد ولا تنقص ، وإن كانت الأفعال تزيد وتنقص.
والجواب عنه : أن قيام تلك الحيثيات : إما بنحو قيام الطبيعي بأفراده ، أو بنحو قيام العرض بموضوعه ـ انضماما أو انتزاعا ـ أو بنحو قيام الأثر بمؤثّره والمعلول بعلّته. لا مجال للأول ؛ إذ لا يعقل فردية شيء واحد لأنواع من مقولة أو لمقولتين ، كما لا يعقل فردية امور متعددة في الوجود لمقولة واحدة ، وقد عرفت سابقا (١) أن ائتلاف حقيقة شيء من الوحدات مخصوص بالكم المنفصل ، فلا يعقل مقولة تقوم بالمتعدد تارة وبالواحد اخرى.
ولا مجال للثاني لأنّ العرض ـ انضماميّا كان أو اعتباريا ـ يباين موضوعه بحسب المفهوم ، بل بحسب الوجود أيضا على المشهور. مع أنك عرفت سابقا :
__________________
(١) التعليقة : ٥٤ من هذا الجزء.