وإن كانت الماهية من الامور المؤتلفة من عدة امور ـ بحيث تزيد وتنقص كمّا وكيفا ـ فمقتضى الوضع لها ـ بحيث يعمها مع تفرقها وشتاتها ـ أن تلاحظ على نحو مبهم ـ في غاية الإبهام ـ بمعرّفية بعض العناوين الغير المنفكّة عنها ، فكما أنّ الخمر ـ مثلا ـ مائع مبهم من حيث اتخاذه من العنب والتمر وغيرهما ، ومن حيث اللون والطعم والريح ، ومن حيث مرتبة الإسكار ؛ ولذا لا يمكن وصفه إلا بمائع (١) خاص بمعرّفية المسكرية ، من دون لحاظ الخصوصية تفصيلا ، بحيث إذا أراد المتصور تصوره لم يوجد في ذهنه إلا مصداق مائع مبهم من جميع الجهات ، إلا حيثية المائعية بمعرّفية المسكرية. كذلك لفظ الصلاة ـ مع هذا الاختلاف الشديد بين مراتبها كمّا وكيفا ـ لا بدّ من أن يوضع لسنخ عمل معرّفه النهي عن الفحشاء ، أو غيره من المعرّفات ، بل العرف لا ينتقلون من سماع لفظ الصلاة إلا إلى سنخ عمل خاص مبهم ، إلا من حيث كونه مطلوبا في الأوقات الخاصة.
ولا دخل لما ذكرناه بالنكرة ؛ فانه لم يؤخذ فيه الخصوصية البدلية كما اخذت فيها.
وبالجملة : الإبهام غير الترديد ، وهذا الذي تصورناه ـ في ما وضع له الصلاة بتمام مراتبها من دون الالتزام بجامع ذاتي مقولي ، وجامع عنواني ، ومن دون الالتزام بالاشتراك اللفظي ـ مما لا مناص عنه بعد القطع بحصول الوضع ولو تعينا. وقد التزم بنظيره بعض أكابر (٢) فن المعقول في تصحيح التشكيك في الماهية جوابا عن تصور شمول طبيعة واحدة لتمام مراتب الزائدة والمتوسطة
__________________
(١) في الأصل : ( لمائع ).
(٢) صدر المحقّقين في الأسفار ١ : ٤٣١.